strong>فرح داغر
هل استحق الاميركيون في الستينيات رئيساً مثل روبرت كينيدي؟ يبدو السؤال سريالياً. السيناتور الذي أحبّه سود اميركا ومهاجروها، كان مثلاً لجيل من الشباب الاميركي رفض القتل في فيتنام والتمييز العنصري في ضواحي نيويورك. لكنّ الرئيس الأميركي السابق اغتيل في مطبخ فندق «امباسادور» التاريخي، وهو يصافح جمهوره من العمال. لم يختر الشعب التخلّص من كينيدي. على العكس بكاه ورثاه. لكنه نسيه... الى أن جاء المخرج اميليو استيفيز. جمع نجوم هوليوود في ردهة الفندق ذاته، بعد أكثر من ثلاثة عقود على ليلة الاغتيال المشؤومة، وقال: «حسناً، سنذكّر الأميركيين بالجانب الايجابي من شخصيتهم. ذاك الذي جسّده كينيدي في خطابه النابذ لعنف الحرب والعنصرية. سنمثل الليلة الأخيرة في الفندق نفسه».
أبدى الجميع موافقة فورية. وجمع المخرج أبرز ممثلي هوليوود كأنطوني هوبكينز وديمي مور وشارون ستون. لكن أحداً منهم لم ينتبه الى خبث استيفيز. وزع عليهم أدواراً لشخصيات بائسة. شارون ستون المسؤولة عن صالون تزيين الشعر في الفندق، وزوجة مدير الفندق التي تصاب بفجيعة عارمة حين تكتشف أنّه يخونها مع عاملة الهاتف. ديمي مور المغنية المخمورة التي تخاف من الشيخوخة فتغرق في بحر من الكآبة. أنطوني هوبكنز، مدير الفندق الذي يرفض التقاعد ويعيش في الماضي. الشابان اللذان يعملان في حملة كينيدي الانتخابية، التي تتخذ من الفندق مقراً لها، لا يقومان بواجبهما، بل يغرقان في تناول حبوب الهلوسة «للتعرف الى الله» (انتقاد صريح لهذيان جورج بوش في قوله إنه يتلقى اشارات من الله). كريستيان سليتر موظف عنصري يضطهد العمّال المكسيكيين والسود في الفندق، وهم بدورهم يضطهدون بعضهم... انهم عينة من المجتمع الاميركي الذي كان يهلّل لكينيدي وخطابه، ويطالب به رئيساً لولاية ثانية. يتداخل الأرشيف والتمثيل في أجزاء كثيرة من الفيلم، وتختلط الحقيقة بالخيال. لكن المشاهد لا يشعر بالفرق، إذ يقوم الفيلم على تقنية عالية يجري التحكّم بها الى أبعد حدود... وهو ما يعطي للنهاية قوّة خاصة. هكذا، نخرج بفيلم يجمع الواقع والخيال، ويحكي قصة تحطّم الحلم الأميركي بمجتمع أكثر عدالة، على صخرة واقع يزداد تعطّشه للدم.