برلين ــ يوسف الشايب
كلوديا لاشوام سائقة “التاكسي” تتمتع بشهرة في برلين، ولكنها ليست السائقة الوحيدة، ففي المدن الألمانية تشكل النساء نحو 45 إلى 50 في المئة من مجموع سائقي السيارات العمومية، ويعملن في شركات خاصة براتب شهري، إلا أن لاشوام استطاعت أن تكون من بين النساء القلائل اللواتي يملكن شركة خاصة للسيارات العمومية.
لاشوام تمارس هذه المهنة، منذ ما يزيد على عشر سنوات، وبالتحديد بعد أن وجدت نفسها بلا عمل، كغيرها من نساء ألمانيا الشرقية سابقاً، فبعد الوحدة “انهارت الكثير من الشركات، وفقد كثير من الشرقيين أعمالهم، لأسباب سياسية أو أمنية أو اقتصادية”.
وتؤكد لاشوام أن المجتمع الألماني لم يعد يتعامل مع قيادة النساء للسيارات العمومية كظاهرة غريبة رغم أن العديد من الشركات تفضل تشغيل الذكور في هذه المهنة للاعتقاد بعدم قدرة النساء، على التعامل مع الزبائن “المزعجين” بالطريقة المناسبة.
ولا تنكر لاشوام أنها وزميلاتها يتعرضن لمضايقات لفظية أو جسدية، لكن الشرطة الألمانية تتدخل بحسم ضد مثيري المضايقات.
وتلفت لاشوام إلى أن عدداً كبيراً من “سائقات العمومي” يحملن شهادات جامعية، وفضلن كسب النقود عبر قيادة السيارات العمومية بدلاً من الانضمام إلى طوابير العاطلين من العمل، وأن أغلبية العاملات في هذه المهنة، من أصول غير ألمانية “من تركيا أو من أوروبا الشرقية”.
تقود ألمانيات أيضاً العديد من الحافلات داخل المدن، وتتحدث السائقة ماريا بولدوسكي (50 عاماً) عن “صعوبة قيادة الحافلات، والسيطرة على بعض حالات الشغب فيها”.
وتؤكد بولدوسكي أنها تشعر بمتعة كبيرة، وهي تمارس عملها، رغم أن الإرهاق يتملكها في الكثير من الأحيان، وتقول: “راتبي يكفي لمصاريف أسرتي الصغيرة، توفي زوجي قبل سنوات، ولو لم أعمل في هذه المهنة، لكنا نعيش ظروفاً كارثية”.
وتشير بولدوسكي إلى التأثير السلبي للعمل الشاق في قيادة الحافلات أو السيارات على الحياة الأسرية، إلاّ أن الألمانيات يفكرن كثيراً في جلب الأموال، وتأمين حياتهن المستقبلية”، وهو ما أكدته دراسة لمجلة “فروندين” المتخصصة في شؤون المرأة، مشيرة إلى أن الألمانيات يشعرن بالقلق إزاء المسائل المالية أكثر من تلك المتعلقة بالقلب والحب، وشغلهن الشاغل التفكير في تأمين المال في الشيخوخة.
وأكدت المجلة مستشهدة بمسح أجري في هذا الصدد أن “أكثر ما يشغل النساء هذه الأيام هو الأمان المالي، إذ تسأل 65 في المئة من الفئة العمرية ما بين 20 و 60 عاماً أنفسهن هل ستكون لديهن أموال كافية للعيش عندما يبلغن من العمر أرذله”.
وبيّن المسح الذي شمل ألف امرأة ألمانية في هذه الفئة العمرية، أن 40 في المئة من النساء أكدن أن مالهن يغطي احتياجاتهن فقط.
وتشعر نساء اليوم في ألمانيا بإجهاد إيقاع الحياة السريع، وفق نتائج المسح الذي أجرته المجلة، حيث قالت إن نحو 40 في المئة من النساء في العقد الرابع والخامس يجدن صعوبة في الاسترخاء، كما تشعر 47 في المئة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 30 إلى 39 عاماً، بالشعور نفسه.