رزان يحيى
كان سائق سيارة الأجرة يتشاجر مع فتاة ترفض أن تدفع له خمسة آلاف ليرة لبنانية ليقلّها من تقاطع بشارة الخوري إلى مستديرة مار مخايل، فهي عادةً تستقل “الباص الرقم 4” وكل ما تدفعه 500 ليرة لا أكثر ولا أقل. لكن “العم فوزي” برر طلبه بالقول بأن “اليوم ليس يوماً طبيعياً” وهو لا يقبل أن يتنازل عن “ولا ليرة” فلا أحد يعرف شوارع بيروت وضواحيها مثله. هو أولاً ابن بيروت البار والحرب علّمته التنقل “بالمخفي” في طرق فرعية وزواريب لا تعرف “عجقة” السيارات وزماميرها.
منذ سنتين يتدرب العم فوزي ليسلك طرقاً فرعية جديدة هي المنفذ الوحيد من “التظاهرات المليونية”.
العم فوزي في أيام التظاهرات هو السبيل الوحيد للوصول إلى أي مكان في بيروت في الوقت المناسب. ويؤكد أنه لا يستغل الزبائن لكن “كل شي بسعرو حلو”، ويلفت إلى أنه يتقاضى الأجرة المتعارف عليها “في الأيام الطبيعية، أي الخالية من التظاهرات وأخواتها”، ويضيف “أيهما أفضل أن تدفع خمسة آلاف ليرة أو أن تُطرد من العمل لأنك تأخرت؟”.
العم فوزي نموذج لعدد كبير من السائقين الذين تعوّدوا زواريب المدينة وأحياءها، ويعتبر آخرون “أيام الطوفان البشري” يوم إجازة للراحة “بدل حرق الأعصاب” على الطرق.
لا يهتم العم فوز ي بسقوط الحكومة ولا يكترث لما إذا كانت المعارضة “ستحصل على الثلث الضامن”، ويؤكد أنه “لا يكترث للشؤون السياسية ولا وقت ليطلع عليها”، فخلال دوام العمل يرفض أن يضع “سياسة على الراديو حتى لا يزعج الزبائن، وفي المنزل دوام الراحة!”.
بعد نجاح تجربة العمل في أيام التظاهرات يقول العم فوزي “إن للمواطنين الحق في التعبير عن رأيهم”، ويتمنى أن “تعمر” التظاهرات حتى “يلقط” زبائن.