رنا حايك
قد تفاجأ اليوم عندما تسمع من إحدى الإذاعات أغنية «ليلي يا ليلي» أو «أصعب بكا» لأنوشكا... في ظل فوضى الغناء اليوم، احتلت الجميلات موقع الصدارة في الساحة الفنية. فاختفت مطربات قدمن فناً أصيلاً في العقود الأخيرة من القرن الماضي. وأبعدت شركات الإنتاج وسياسة الفضائيات هؤلاء عن الأضواء، ليشرّع الإعلام أبوابه للجميلات فقط.
منذ مدة، وبعد تأديتها دور أساسي في مسلسل «المرسي والبحار» مع يحيى الفخراني، يتردد ان أنوشكا التي يئست من حال الأغنية وسوق الكاسيت العربي، قررت إقفال شركة الإنتاج الخاصة بها. لكن خبراً جديداً أعاد صاحبة «حبيبي فين» إلى الأضواء من جديد، وأثلج صدور كثيرين من محبيها: أنوشكا ستتفرّغ في الفترة المقبلة لتقديم أعمال مسرحية خاصة بالأطفال.
من عرف أنوشكا أو واكب نشاطاتها الماضية لن يفاجأ كثيراً بالخبر، فعلاقة المطربة المصرية (من أصل أرمني) بالطفل ليست جديدة، إذ سبق ان قدمت أوبريت «الورد في السور». كما رعت الكثير من الحفلات الخيرية لدعم الأطفال المعوّقين والجمعيات التي ترعاهم.
بدأت مسيرة أنوشكا مع الفن منذ الطفولة، حين اعتلت مسرح «مدرسة كالوسديان للأرمن» في القاهرة لتلقي الأشعار وتغني وتمثّل. وبعد تخرجها من كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في القاهرة، قامت بادّخار أجرها الذي كانت تتلقاه من عملها في مجال تخصصها، لتؤسس شركة الإنتاج الخاصة بها «غولدن كوردز». عمدت من خلال هذه الشركة إلى إنتاج ألبوماتها الغنائية، وأولها «أحبك» الذي تضمّن ألحاناً لرضا أمين وفتحي سلامة. سلكت منذ البداية درباً مغايراً، فكانت أغنياتها تعتمد على أداء عذب وموسيقى غربية وإيقاع سريع. عزز مزجها بين الغربي والشرقي من مكانتها الفنية، فقدمت دويتو أغنية «سلام» مع أحد مغني فرقة جيبسي لاند الإسبانية، وشاركت في استعراضات فريق «بوني أم» الأميركي. كما حصلت في منتصف التسعينيات على الميدالية الذهبية عن أغنية «يا ليلي» التي تخللها مقاطع باللغة الفرنسية، في مهرجان الفرنكوفونية.
وتميّزت مسيرتها بمشاركتها في أكثر من 10 مهرجانات دولية في فنلندا وتشيكوسلوفاكيا وأميركا اللاتينية وبلغاريا وتركيا، وحلّت ضيفة شرف على «مهرجان أوتاوا الغنائي»، وقدمت مع الممثل عمر الشريف حفلة افتتاح «كأس أفريقيا».
إلا أن هذا الانفتاح نحو العالمية لم يقتلع أنوشكا تماماً من ثقافتها المصرية، إذ تعاونت مع الملحن محمد الموجي في «لحظة حب» و«ما تيجوا تغنوا» و«مع قلوبنا». أما الأغنية التي أطلقتها في مصر وقربتها من الجمهور المصري، فقد كانت الدويتو الذي أدته مع محمد منير «بلد طيبة». وكانت لها صولات وجولات في دار الأوبرا المصرية. لكنها حينما شاركت في مهرجان الموسيقى العربية عام 2003 في القاهرة حيث غنت كلاسيكيات الموسيقى العربية مثل «تَمَلّي في قلبي» لمحمد فوزي و«أنا لك على طول» لعبد الحليم، تعرضت للنقد لأن الجمهرو لم يكن تعودها في الغناء الطربي الكلاسيكي الصرف.
لم تقتصر أعمال أنوشكا على الغناء، فقد كان للمسرح أيضاً نصيب من فنها، إذ قامت ببطولة مسرحية «أولاد الغضب والحب» لكرم النجار. كما شاركت في أعمال درامية عدة كان آخرها «المرسى والبحار» في رمضان 2005. حال أنوشكا اليوم تشبه حال الكثير من المطربات اللواتي يئسن من سطوة شركات الإنتاج، فهل يكون خلاصهنّ على أيدي أطفال لم تتعود آذانهم وعيونهم بعد ويلات الفن «الشبابي» الهابط؟