كيف تؤثر التحركات السياسية التي يشهدها لبنان في العلاقة الزوجية؟لا يبدو أن الوقت سيتأخر كثيراً قبل أن تصبح الحاجة ملحّة إلى إجراء دراسة علمية تكشف حجم هذا التأثير ونوعه. وإلى حينه تبدو “القصص” التي يتداولها اللبنانيون عن مشاكل عائلية “فردية” مجرد فكاهات تضفي ابتسامة على وجوه من لم يصلهم الدور بعد...
سلام زوجة شابة. لا تعمل لأنها اختارت التفرّغ لطفلتها حديثة الولادة. تنتظر عودة زوجها من العمل لتعوّض عن ساعات مللها الطويل كل النهار. “لكنه يعود وفي يده جريدة. يقرأها من الألف إلى الياء، وعندما ينهيها يدير التلفزيون ويبدأ بمشاهدة البرامج السياسية.. لا يحكي معي، وعندما أغضب وأحتج على سلوكه يناقشني في السياسة التي لا أفهم شيئاً فيها.. أنا حتى لا أعرف من هو السنيورة الذي يريد إقالته”.
هذا السلوك شكل أخيراً السبب الوحيد للشجار بين الزوجين... لكنه يبقى مقبولاً نسبياً “فالتظاهرات الأخيرة زادت الطين بلّة.. صارت نزهة نهاية الأسبوع، أي المتنفس الوحيد لي، هي المشاركة في الاعتصام في وسط البلد، هذا الوسط الذي لم أزره يوماً بحجة أن أسعار مطاعمه مرتفعة لا تسمح بها موازنتنا”.
المشكلة معكوسة لدى زوجين في الأربعينيات من العمر. هذه المرة الزوجة أم طارق هي الأكثر حماسة للنزول إلى التظاهرة ولو تسبّب ذلك بإهمالها واجبات البيت. “تتحدث في السياسة كما لو كانت هي السيّد حسن نصر الله” يقول زوجها الحلاق لزبائنه. “هي التي توافق على مبادرة عمرو موسى وهي التي ترفضها. هي التي تقرر متى تنهي الاعتصام وتضع شروطاً لمغادرة الشارع. أقسم أن شروط السيّد أسهل من شروطها..”.
أم طارق بدورها تتحسّر على “تخاذل زوجها” عن تلبية نداء سماحة الأمين العام: “هل فكّر به؟ هل حالته أفضل من حالتنا؟ هل فكّر أحد أين تقيم عائلته اليوم بعدما فقدوا بيتهم؟ ماذا خسر أبناؤه خلال هذه الحرب من ذكريات وصور وغيره؟ كيف يمكنني أن لا ألبّي دعوته وهو يعمل لأجلنا؟”، مؤكدة لجاراتها اللواتي التقتهن عند مدخل البناية: “لقد طبخت قبل خروجي، لا يمكنه أن يتهمني بالتقصير”.
وتبقى هاتان المشكلتان في خانة “المقبول” عندما تستمع من صاحب دكان في حارة حريك إلى المشكلة الثالثة: “لقد أقدم جارنا على حرق سيارة والد زوجته التي تصرّ على الطلاق منه”. غير أن الأدهى في عملية الانتقام التي قام بها الزوج أنه استغل حالة الاحتقان المذهبي التي سادت بعض أحياء بيروت عشية استشهاد أحمد محمود، ليحرق السيارة، موحياً بذلك أن أبناء الحي المنتمين إلى مذهب ديني معيّن هم من أحرق سيارة عمه المنتمي إلى مذهب آخر.
لكن الزوجة، التي لم تصدق هذا التفسير، عمدت بناءً على نصيحة شقيقها إلى شراء جهاز خلوي جديد تستطيع تسجيل المكالمات عبره. يقول صاحب الدكان ضاحكاً “انتظرت اتصال زوجها واستدرجته إلى الاعتراف بجريمته... هو الآن لن يطلّقها فحسب.. بل سيرجوها أن لا تدخله إلى السجن”.
(الأخبار)