strong>محمد خير
عندما أعلنت منى الشاذلي، مقدمة برنامج “العاشرة مساء” على قناة “دريم”، عن استضافتها أول مذيعة محجبة في الدانمارك، تحفز الجميع. استعدّ كل مشاهد على طريقته للفقرة المقبلة “بعد الفاصل”... المشاهد الذي شارك في تظاهرات الغضب ضد الرسوم الدانماركية المسيئة، ارتسمت على ملامحه ابتسامة الانتصار، واستعد لاستقبال المذيعة التي “غزت الأعداء” في ديارهم. أما المشاهد الذي استهجن العنف والتشنج في التظاهرات، فقد استعد لاستقبال نصف ساعة من “التخلف” و“اختصار الدين في قطعة قماش”. لكن المذيعة أسماء عبد الحميد (25 عاماً)، وهي دنماركية من أصل فلسطيني، فاجأت الجميع. لم تقل ما أراد هذا أو ذاك سماعه. هي متحجبة فعلاً، لكنها تقول إن الزي هو آخر ما يشغل تفكيرها. لم تقتبس كلامها من عمرو خالد، بل من وزيرة التضامن في الدانمارك. “المهم هو ما داخل الرأس لا ما فوق الرأس”. تعاطفت مع الدانماركيين وبررت لهم فعلتهم: “كان لديهم حجاب تقليدي أيضاً، وهم يظنون أن كل مسلمة محجبة، لا بدّ أن يكون زوجها أجبرها قسراً على الحجاب”.
تشعر الفتاة الدانماركية بالانتماء إلى البلد الاسكندنافي البارد. أخبرتها الشاذلي أن المصـــــــــريين الذين شاركوا في استطلاع أجرته جهة حكومية، قالوا إن الدانمارك هي ثاني دولة في الترتيب بعد إسرائيل، من ناحية مقدار الكراهية التي يكنونها إليها. امتعضت وتقلصت ملامحها، وسألت بتلقائية: لماذا ؟ حرام!
أسهبت في التحدث عن الدانمارك: رعاية صحية وعناية بالمسنين، تكافـــــــــــــــؤ فرص، احترام للإنسانية، تعليم مجاني لغير القــــــــــــادرين (وعلى رأسهم المسلمون)... قالت إنها تتمنى لو أن الدول الإسلامية تطبق ربع ما تشــــــــــــهده في الدانمارك: “إنهم يخافون منّا. عــــــــــــندما حــــــــدثت أزمة الرسوم نقل لهم الإعلام مهاجمة الكنائس وحرق الأعلام وطعن الراهبة الإيطالية... غضب المسلمين من الإساءة أكدت المفاهيم المغلوطة بدلاً من أن تصححها”.
كان طبيعياً أن تسألها الشاذلي: أنت تفضلين الحوار إذاً؟ أجابت بمفاجأة جديدة: “أفضل القانون، وأنا تقدمت بدعوى قضائية ضد الصحيفة التي نشرت الرسوم”.
بدت أسماء مبتسمة دائماً، متفائلة، تؤمن بحرية التعبير ولا تهتم بالانتــــــــقادات التي وجهت للذين اختاروها... وظفوا محجبة مذيعة بالــــــــــــــتلفزيون الدانماركي، فهل انتقوها أصلاً لأنها محجبة؟ هل هو نوع من خطب ود المسلمين وشراء راحة البال؟ “ربما... الأوروبيون يجيدون التعامل مع الأزمات. لكنهم لا يتنازلون أبداً عن معايير الكفاءة”، تجيب مؤكدة أنها حصلت على فرصة ولن تتخلى عنها بسهولة. هدوء “أسماء” وحيويتها أشارا إلى حقيقة غائبة ومدهشة: المحتجون في الشرق على “اضطهاد” المسلمين في الغرب، أكثر غضباً بكثير من أولئك “المضطهَدين”.