لم يعلن الروائي المصري علاء الأسواني حتى الآن المكان الجديد الذي سيقيم فيه ندوته الأدبية بعدما ضغطت قوى الأمن على مقهى “الندوة الثقافية” في القاهرة. صاحب “عمارة يعقوبيان” غير مرغوب فيه، أي persona non grata حسب التعبير القانوني الشهير، في المقهى الذي يستضيف ندواته منذ سنوات؟ لماذا؟ الأسواني الذي أدهشه تصرف الجهات الأمنية، تحدث عن تهديدات تلقّاها أصحاب المقهى، واصفاً إياها بأنها “وسائل رقابية مبتكرة” تهدف الى معاقبته على آرائه الجريئة في الأدب والصحافة. واعتبر الأديب المصري أنّ مسلسل القمع مستمرّ في مصر، رابطاً بين هذا المنع، وعدم دعوته الى حضور العرض الخاص لفيلم “عمارة يعقوبيان” المقتبس عن روايته الشهيرة في “دار الأوبرا”، من دون أن يجد تفسيراً لهذا المنع.ولجأت السلطات الأمنية الى إجبار صاحب المقهى على إطفاء الأنوار خلال ندوة الأسواني، على رغم وجود فريق تلفزيوني فرنسي سجّل كل ما حدث من مضايقات. ويرى الأسواني أن روايته الجديدة “شيكاغو” هي المبرر المنطقي لتفسير أفعال عناصر الأمن. إذ إنّ كل مقالاته المعارضة وحتى ما تضمنته رواية “عمارة يعقوبيان” من جرأة على الفساد السياسي في مصر، لم تجبر الأمن على اللجوء الى هذه الأساليب. لكن “شيكاغو” التي تنشرها مجلة “الدستور” الأسبوعية على حلقات، قد تكون وراء هذه المضايقات، إذ إن الرواية تضمنت انتقادات حادة ومباشرة للنظام على لسان شخصيات مصرية تعيش في الولايات المتحدة. وستظهر شخصية الرئيس في أحداث الرواية، عندما يذهب إلى أميركا ويطلب لقاء الجالية المصرية هناك.
ورفض الأسواني أن تكون “الندوة” نفسها هي السبب، مؤكداً أنها لم تناقش أبداً موضوعات سياسية بشكل مباشر، فهي مخصصة للقضايا الاجتماعية العامة، ولمناقشة أحدث الإصدارات الأدبية. لكن الأديب الطبيب ظل متفائلاً على رغم قتامة الوضع، وخصوصاً أن عروضاً انهالت عليه من جمعيات ومؤسسات وأفراد لاستضافة الندوة الأسبوعية. وهذه الدعوات أكدت للأسواني على حد تعبيره أن هناك تحركاً بالفعل في الشارع المصري ضد كل المحاولات الحكومية لتجميد الحياة السياسية والثقافية في مصر لمصلحة بقاء النظام على ما هو عليه. وستصدر رواية “شيكاغو” في غضون أيام عن “دار الشروق”. وما إن تُطرح في المكتبات حتى تبدأ عملية ترجمتها الى الفرنسية والإنكليزية. والأديب يجني طبعاً ثمار الشهرة التي حققتها رواية “عمارة يعقوبيان” التي ترجمت إلى 14 لغة. حتى إنّ الرواية “الملعونة” في مصر باعت في فرنسا وحدها حوالى 125 ألف نسخة. وقد فاز الأسواني عن روايته تلك، بالجائزة الكبرى للرواية في فرنسا. وكان تسلم الجائزة أخيراً في تظاهرة أقيمت في مدينة تولون، قبل أن يعود الى القاهرة ليتسلم هدية من نوع آخر: محاصرة ندوته الثقافية.
(«الأخبار»)