رنا حايك
290 شارع لبنان”. إنّه عنوان المنزل، وعنوان المعرض المشترك لـ كارولين تابت وجوانا أندراوس في غاليريPièce Unique (الصيفي). يروي قصة بيت من بيوت بيروت، راصداً تحوّلاته وبصمات الزمن عليه. المنزل الذي يعود إلى أواخر القرن الماضي، هدم العام 2005. كارولين التي سكنته ذات يوم، جاءت لوداعه مع جوانا، فعثرت على “نيغاتيف” قديم... صور هاربة من الذاكرة صارت مادة المعرض الذي يستمر حتى 20 من الشهر المقبل.
لقد جذبت أشباح بيروت الثنائي “إنغرام”، ومن استحضارها تكونت مادة معرضهما الحالي. وكارولين وجوانا بدأتا منذ عام 2003 بإقامة معارض مشتركة تحت اسم “إنغرام” الذي يعني بحث النفس، بعد اتصالها بالبدن، عن ذكريات ومعارف من حياتها السابقة. ويركّز المعرض الحالي على لملمة ذاكرة بشر افتراضيين سكنوا المكان. تتواطأ سرعة الضوء مع حركة الجسد، لاستحضار أشباح سكنت بين الجدران. كل شيء يطفو في لعبة الظل والاختفاء، والصور بمجملها تعكس حالة الحلم المبهم والمتحرر من قيود الزمن. معظمها بالأسود والأبيض، وحدعا الصور التي ترصد مراحل تدمير المنزل... جاءت بالألوان لإظهار فجاجة الزمن الحاضر.
في صور كارولين وجوانا يتلاشى المكان والزمان الخارجيين. تطالعنا فتاة ترتدي فستاناً أبيض تكاد تبدو شبحاً، لولا خصل شعرها الأسود. تقف بين جدار وباب موارب يحرق الضوء المنبعث منه خلفية الحياة وراءه. يمّحي الزمان ويتجرّد المكان من هويته، ليصبح صورة لمدينة “يعود الموتى دائماً إليها”. هؤلاء الموتى الحاضرون في بيروت، تنتشر صورهم على جدرانها في كل المواسم.
معرض “إنغرام” احتفاء بلحظات العبور، وبمدينة دائمة التحول، تتهامس مع الموت، لكنها سرعان ما تنفض عنها آثاره... وتاريخ أبطاله.