strong>حسين بن حمزة
فازت علويّة صبح، قبل أيام، بجائزة “السلطان قابوس للإبداع الثقافي” عن فئة الرواية، مناصفةً مع الروائي المغربي مبارك ربيع. وبررت لجنة التحكيم اختيارها علوية بأنها “أحكمت توظيف التقنيات السردية بما يفيد من طرق الحكي الشفاهي ومن أساليب القصّ وفنون الخبر كما ينحدر من الإرث العتيق...”.
في كلام اللجنة وصف دقيق للممارسة الروائية التي تتحقق في أعمال علوية صبح. الحكايات هي التي تصنع رواياتها، ولا يعرف القارئ الفرق الفعلي بين شخصيات الرواية والحكاية الخاصة بكل واحدة من هذه الشخصيات. الحكاية تتناسل من الحكاية بطريقة تذكّر بمرجعية ألف ليلة وليلة التي لم تُستثمر بالشكل الكافي في الرواية العربية بعد. بهذا المعنى، لم يكن عنوان روايتها “مريم الحكايا” (2002) بلا دلالة، مريم وابتسام وعلوية وسمية وفاطمة وحسن وأبو يوسف وزهير... هم حكايات متداخلة ومتوازية. وكذلك دنيا وفريال ومالك وخالد في رواية “دنيا” (2006).
وإذا وضعنا جانباً اسم الجائزة وقيمتها المادية، فإن قرار اللجنة كان جريئاً لجهة تكريم كاتبة ــ لديها ثلاثة أعمال فقط ــ على مجمل أعمالها. وهذا يدل، بطريقة ما، على الحضور الحقيقي والنجاح الواسع الذي حققته علوية صبح، وخصوصاً بين شرائح القرّاء العاديين. الأرجح أن هذا النجاح يمنح كتابة علوية صبح قيمة استثنائية، لأنها استطاعت أن تروّج لكتابة سردية ذات جودة عالية في أوساط قراء يفضّلون، غالباً، ما هو سهل وسطحي. لقد صنعت علوية صبح لقاءً صعباً بين كتابة لا تتنازل عن متطلبات وشروط الجودة السردية، وبين قراءة اضطرّت إلى التخلي عن كسلها التقليدي. ولعل هذا ما يبرر أن نساءً مجهولات يوقفن علوية في الشارع أو يتصلن بها ليخبرنها عن مدى التماهي بينهن وبين شخصيات رواياتها، وعن العدوى الهائلة التي تنقل الكتابة إلى عالم الواقع. الرواية، وفق هذا التوصيف، تعيد الاعتبار الى الواقع والمخيّلة الروائية في آن واحد.
نشرت علوية كتابها الأول “نوم الأيام” (1986)، ثم عادت بعد انقطاع 16عاماً، لتصدر “مريم الحكايا” التي وضعتها بين كتاب الصف الأول في الرواية اللبنانية والعربية، وتتم حالياً ترجمتها إلى لغة موليير، وستصدر في أواخر 2007 عن “دار غاليمار” الباريسية.
بعد “مريم الحكايا” التي أجادت فيها علوية لعبة توليد الحكايات ببراعة، عادت لتكمل طموحها السردي في الموضع نفسه وبالنبرة ذاتها تقريباً، لتثبت أن “الحكي” تقنية لا نهاية لها، وأن لجوء شهرزاد إلى الحكي كان تأسيساً لإرث شديد الثراء والحيوية.
علوية صبح المشغولة حالياً بكتابة رواية ثالثة، تقول: “كنت قررت أن أبتعد، في روايتي الجديدة، عن موضوع الحرب، وأن أتنفس قليلاً بعد “مريم الحكايا” و“دنيا”. لكن الحرب الإسرائيلية الأخيرة خضّتني. كنت منكبّة على رواية حب من نوع مختلف، فجاءت الحرب لتشعرني بوطأة اللحظة المباشرة والطازجة للحرب”.
لا تكشف الكثير من أسرار عملها الجديد، ولكنها تقول: “قلقي الروائي الآن يشبه العمر الذي أنا فيه. الرواية تحاول أن تنبش حياة من هم في عمري وزمني، ويمتلكون رغباتي وحاجاتي. للأسف، هناك فهم خاطئ يطرد المرأة المتقدمة في السن من الحياة. أنا أحاول أن أطرح أسئلة الإنسان في منتصف العمر”.
لكن كيف؟ “بالحكي الذي له معنى رائع وخاص في الشرق”، تجيب علوية صبح.