دمشق ــ خليل صويلح
تستعد “دار قدمس” في دمشق، لإطلاق سلسلة متخصصة بالكتابات النسائية في العالم، بإشراف نخبة من النقاد العرب مثل فيصل دراج وسعيد يقطين وسيزا قاسم وسلوى نعيمي. ويهدف المشروع كما يقول زياد منى، المدير التنفيذي للدار، إلى اكتشاف أصوات إبداعية جديدة، والإضاءة على تجارب ظلت بعيدة من متناول القارئ العربي.
السلسلة تحمل اسم “ولّادة” على اسم الشاعرة والأميرة الأندلسيّة ولادة بنت المستكفي التي عرفت بجرأتها، وكانت تخالط الشعراء في زمانها وتساجلهم. وتطمح إلى استقطاب أصوات من مختلف الأجيال، وهي مفتوحة للتجارب الاستثنائية، من جهة المكاشفة عما تعانيه نساء اليوم تحت سطوة مجتمع ذكوري. هذا المجتمع الذي يرفض “تأنيث العالم”، وخصوصاً في ما يتعلق بتجارب كاتبات ينتمين إلى مجتمعات مضطهدة ومغلقة على قيم قديمة.
وكانت الدار قد وضعت إعلاناً على شبكة الإنترنت منذ سنتين تتوجه فيه إلى الكاتبات لإرسال نصوصهن ونشرها على نفقة الدار. واتصلت ببعض المراكز الثقافية الأجنبية لتزويدها نصوصاً لكاتبات غير معروفات على الصعيد العربي. وكانت الحصيلة الأولية حوالى عشرين نصاً. وعلى رغم تباعدها الجغرافي، كشفت هذه النصوص عن حساسية جديدة، في تناول الموضوعات وجرأة في اقتحام مناطق محظورة. وتتوغل هذه النصوص في قضايا شائكة كالهوية والجسد المقموع ونبش المسكوت عنه من دون مواربة.
في “برهان العسل”، تتبع سلوى نعيمي (سوريا) وصايا أجدادها القدماء في التراث العربي وتكشف عن حياة المرأة العربية السرية ونقيضها المعلن. تقول “كيف يمكنني ألا أكون بنت هذا التراث وتعاليمه في اكتشاف المناطق السرية لشهوات الجسد”. أما منهل السراج (سوريا) فترصد في روايتها “على صدري” مشكلة امرأة ترغب في أن تخبر الجميع عن آرائها، لكن ضخامة صدرها تمنعها من التعبير عن ذاتها. إذ ما إن تتهيأ للحديث حتى تشعر بأن ثدييها نهضا وأخرساها، فتصمت هاربة إلى داخلها. وتحتج العراقية منال الشيخ في “قضم ظهيرة مقدّدة” على أوهام التاريخ في “بلد الأجنحة المتكسرة” وتتوق الى الطيران بعيداً من “عورات أوهامنا”. فيما تختار كلشان البياتي (العراق) في قصصها “هذيان تحت الاحتلال” لحظات جنونية، من زمن الاحتلال، تقود المرء إلى الهذيان، في مسرحية عبثية متواصلة.
وتنفتح السلسلة على أصوات أنثوية من العالم، لها همومها الأخرى وحساسيتها المختلفة كالتركية إليف شفق في روايتها الإشكالية “قصر البراغيث”، والإيرانية شهر نوش بارسي بور في روايتها “طوبى ومعنى الليل”. تتوغل الراوية في الشوارع الخلفية لحياة النساء في إيران، وتقتحم عوالم الاغتصاب والأحلام الموؤودة.
وسيتعرف القارئ العربي للمرة الأولى بأصوات من بلاد مجهولة أدبياً، مثل تسيتسي دنغر مبغا من زيمبابوي في رواية تحمل عنوان “ظروف عصيبة”. وماري دارسيك في روايتها “البلد” في استعادة حميمية لمسقط رأسها في إقليم الباسك. ولعل مفاجأة هذه السلسلة اكتشاف كاتبة بوليسية من فلسطين، هي حواء سكاس. النص يحمل عنوان “اختفاء رباب ماردين” وينهض على حبكة متقنة، لا تخلو من تشويق على خلفية العيش في بلاد محتلة.