إشبيلية ــ نجوان درويش

معرض «رؤى عن المغرب» لعشرة مصورين مغاربة وإسبانيين، الذي أقيم في «مؤسسة الثقافات الثلاث» في اشبيلية، يصلح مثالاً لدراسة كيفية تقديم «صورة المغرب» فنياً، خصوصاً في مجال الفنون البصرية.
تبدو «صورة المغرب» موضوعاً تعيد الفنون إنتاجه على خلفية مخيّلة تمتد جذورها إلى «ألف ليلة وليلة» وأدبيات الاستشراق، وصولاً إلى زمن الصورة والمخيّلة السياحية. «صورة المغرب» ذات خصوصية في حضورها القابل للتنميط، رائجة وشهية ودائمة الغموض ــ تماماً كما في صور المعرض.
لم يمنع المستوى الفنّي المتقدم للصور أن يبدو بعضها مثل رسوم توضيحية لواقع فولكلوري منقول من إحدى روايات الطاهر بن جلون. «المخيلة الاستشراقية» ترى في شظف العيش جماليات لا يراها أهل الشظف أنفسهم، والشقاء يصبح موضوعاً جمالياً منزوع الألم. حتى «المباءات» ــ بتعبير الروائي محمد شكري ــ تبدو موضوعاً أثيراً للعدسة المستشرقة.
العين الزائرة للمعرض تحتاج إلى جهد لتمييز أعمال الفنانين المغاربة من أعمال أقرانهم الإسبانيين، فالزاوية التي «يصورون» منها «المغرب» تكاد تكون نفسها. يتجنب المعرض الذي ترعاه جهات رسمية مغربية وإسبانية بؤر التوتر في العلاقة بين البلدين. الماضي الكولونيالي و»مشكلة» الهجرة والزوايا السياسية المسننة غابت على حساب الفولكلور والأنثروبولوجيا. وبينما يكاد الفقر وشظف العيش أن يكونا الثيمة الأساسية؛ جاء مكان المعرض في قصر أسطوري أنفقت الحكومة المغربية كثيراً على بنائه وإهدائه ليكون مقراً لمؤسسة «الثقافات الثلاث». بالطبع ستثير هذه المفارقة زواراً كثراً سيتساءلون: هل هذه هي حقاً صورة المغرب؟