strong>نور خالد
يبدو أن “موضة” العام المقبل في التلفزيون ستتمثل بتعريب المسلسلات الاميركية. ضجر من الترجمة؟ ربما، لكن القرار ليس بيد المشاهد، في غالب الأوقات. المعلنون اجتمعوا مع رؤساء القنوات. فكوا ربطات عنقهم، طلبوا الكثير من الماء، تأملوا في أرقام الإنفاق الاعلاني على برامج التلفزيون الآخذة بالانخفاض، بعضهم اعترض على “فِقر” المحتوى الذي تقدمه الشاشة الصغيرة، فيما طالب بعضهم الآخر بأن تكون البرامج أكثر “إغواء” للمشاهد العربي... انفعل آخرون وصمت الجميع قبل أن يصرخوا: وجدناها! سيتم تقديم “إي آر” بالنسخة العربية. تلفزيون “دبي”، الشريك الانتاجي، لا يزال مسؤولوه في القاهرة يحتفلون بالإنجاز الذي تحدثت عنه “الأخبار” قبل أيام (راجع العدد 110)، وتناقلته الصحف المصرية ووكالات الأنباء. اليوم، حان دور “شوتايم”: شبكة البرامج المدفوعة التي طالما راهنت على حصرية ذلك الإغواء، عبر مسلسلات أميركية شهيرة، تملك وحدها حقوق بثّ أحدث حلقاتها. قررت “شوتايم” ألا تقف متحسرة على الاختراق الذي بدأت القنوات العربية بتحقيقه لعرينها المتين. وقبل أن يخرج تلفزيون “دبي” أو ربما “إم بي سي” التي يحتفل مسؤولو قسم الدراما فيها بالأعياد هذه الأيام في دمشق، باحثين عن صفقات انتاجية درامية... قبل أن يخرج هؤلاء بأفكار جهنمية ترضي المعلنين مثل تقديم نسخة عربية من “فراندز”، يحافظ على التقنيات نفسها، وخفة الدم عينها، فلا يتحول بعد تعريبه الى شيء يشبه “تامر وشوقية”... قررت “شوتايم” تعريب “نجم” مسلسلاتها “زوجات بائسات” Desperate Housewives. انه المسلسل الذي جذب لدى عرض أولى حلقاته في تشرين الأول 2004 أكثر من 21.3 مليون مشاهد أميركي، ما ضخ الحياة مرة أخرى في محطة “إي بي سي” التي كانت في طور الذبول، قبل أن تتهافت الشبكات الأخرى على شراء رخصة البث من “إي بي سي”، مثل “شوتايم” و“فوكس” و“إن بي سي” و“سي بي سي” وغيرها. مارك شيري، المنتج والكاتب الاميركي الذي يقف وراء العمل، كان قد تعرض للمهانة على عتبات غالبية تلك المحطات، وهو يعرض عليهم فكرة عمله، قبل أن تشتريه “إي بي سي” لينفتح باب المجد والثروة أمامه. الباب هو الجدار الذي لطالما ذرفت والدة شيري خلفه الدموع، والتهمها البؤس، فقرر ذات ليلة، وهو عاطفي الشخصية ومثلي الهوى، أن يستوحي من بؤس أمه ويكتب عن “زوجات بائسات”. أصبح العنوان “ماركة” بحد ذاته، وتعبير يطلق على ظواهر مجتمعية تستضيفها أوبرا وينفري في برنامجها أو تظهر في “دكتور فيل”. ثم جاء مارك أنطوان دالوان... فرنسي متحمّس تسلم إدارة “شوتايم ــ الشرق الأوسط” قبل شهر، وكان عليه أن يخرج بفكرة فورية تنعش اشتراكات شبكة التلفزة المدفوعة، وخصوصاً أنها صارت محاصرة بعدد متزايد من القنوات المجانية التي تعرض مضموناً غربياً مشابهاً، مثل “إم بي سي 4” و“وان تي في”. كان عليه أن يثبت أيضاً ان خلفيته التي تعود الى “كانال بلوس النروج” التي أدارها لسنوات، ستلهمه أفكاراً مبدعة تجذب الجمهور والمعلنين في الوطن العربي. كانت فكرة تعريب “زوجات بائسات” إحدى تلك الافكار، وعلى اللائحة أيضاً “لوست”. دبلجة أم تنفيذ نسخة عربية كاملة على غرار “لحظات حرجة”؟ لا يرغب الفرنسي الطموح في أن يفصح عن مزيد من المعلومات، في “هوجة” الموضة الحالية. لننتظر، ومعنا الزوجات العربيات البائسات... غالباً!