سعد هادي
خلال شهر واحد اغتال مجهولون المخرج التلفزيوني حسين التكريتي الذي كان يلقب بشيخ المخرجين العراقيين. وقتل آخرون اثنين من ممثلي المسرح والتلفزيون هما وليد جعاز ومطشر السوداني. بعد أيام، اصيب مراسل قناة “الحرة ــ عراق” عمر محمد برصاصات نارية في ساقه، ولم تعرف الجهة التي هاجمته. وشهدت الاسابيع الاخيرة ايضاً اغتيال عدد من الذين تكرر ظهورهم على الفضائيات العراقية محللين أو ناطقين باسم احزاب وكتل سياسية، وجميعهم من اساتذة الجامعة ومن ذوي الاختصاصات العلمية النادرة. كما هوجمت قناة “الشعبية” قبل يوم واحد من بدء بثها الرسمي، وبدم بارد قُتل مديرها و11 من العاملين فيها. وفقدت قناة “العراقية” الحكومية عدداً كبيراً من موظفيها في حوادث متفرقة. فيما اختفى قبل أشهر اثنان من مقدمي البرامج في قناة “السومرية” بعدما أنجزا تقريراً تلفزيونياً في مقر احد الاحزاب. وقتلت مذيعة مشهورة في قناة “الشرقية” هي لقاء عبد الرحمن، ونجت بأعجوبة زميلتها نغم عبد الزهرة من عملية اختطاف بعدما رمت بنفسها من الطابق الثاني من المبنى الذي تسكن فيه. لم يعد بإمكان المراسلين التحرك بسهولة في شوارع بغداد. أصبحت الكاميرا تثير الريبة، او تشير الى هدف سهل. اختار كثيرون من مقدمي البرامج والمذيعين الابتعاد عن الاضواء طوعاً او بعد تلقيهم رسائل تهديد. كما أن بعض الفضائيات آثرت أن تنقل طاقمها إلى خارج العراق: “البغدادية” إلى القاهرة، و“الشرقية” و“الفيحاء” إلى دبي. اما “الزوراء” التي يديرها النائب مشعان الجبوري ــ رفعت عنه الحصانة البرلمانية قبل مدة ــ فتبثّ من مكان مجهول، بعدما اصدرت الحكومة امراً بإغلاقها بحجة اثارتها للنعرات الطائفية. وهكذا، أصبحت بغداد التي شهدت مولد اول قناة تلفزيونية عربية عام 1956 اخطر مكان للعاملين في التلفزيون. ضاقت السبل بهم ولم يعد امامهم سوى التقاعد والاختفاء عن الانظار او الهجرة. ما يجرى اليوم في العراق في ظل الاحتلال الاميركي يشبه السباحة ضد التيار: بينما تعددت الفضائيات وتنوعت اتجاهاتها، ضاقت مساحة التعبير الى حد اصبحت فيه طلقة المسدس هي الحل الأمثل لإنهاء أي حوار، واقعياً كان أم تلفزيونياً.