strong>دمشق ــ خليل صويلح
عروض من زمن الاحتلال والحروب والمجازر

هل يكون “مهرجان دمشق المسرحي” هذا العام فضاء مفتوحاً على التجارب والاتجاهات الجديدة في المسرح العربي، بعدما فشل في الدورة الماضية في استقطاب العروض المتميزة واللافتة؟ التظاهرة العريقة التي عادت منذ سنتين، بعد توقف دام سبعة عشر عاماً، لم تتمكن يومذاك من استعادة وهجها القديم. لكن التوقعات تشير هذه المرّة إلى دورة استثنائية تتطلع إلى اختراق جدران المسارح المغلقة نحو فضاءات المدينة الأخرى، مثل المتحف الوطني ودار الأوبرا وأروقة المعهد العالي للفنون المسرحية في عروض وورشات عمل ومشاغل تشكيلية تواكب الاحتفالية التي تستمر حتى العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر). رهان المهرجان هو استعادة العلاقة المفقودة بين الخشبة والجمهور. كأن مأساة أبي خليل القباني سوف تظل حاضرة في الأذهان، رغم أن أحد أعرق المسارح الدمشقية ما زال يحمل اسم هذا الرائد المسرحي في عروض عابرة ومغامرات فردية، بات من النادر أن تثير أي جدل يُذكر.
تراهن ادارة المهرجان على “الشباب مستقبل المسرح العربي”، محور الندوة الفكرية التي يشارك فيها محمد ادريس ونهاد صليحة وحسن جريتلي وعز الدين المدني ونضال الأشقر وحنان قصاب حسن، وتديرها ماري الياس. وعلى البرنامج ما يقارب 25 عرضاً من 13 دولة عربية، معظمها حقق حضوراً لافتاً خلال السنتين الماضيتين. ولعل ما يجمع بينها تفاعلها مع اللحظة الراهنة، بكل تمزقاتها وتشظيها، في زمن الحرب والاحتلال.
هذا ما نلمسه في مونودراما “هوى وطني” لرجاء بن عمار. وفي مسرحية جواد الأسدي “حمّام بغدادي” (المسرح القومي ــ سورية) التي تلمس كم بات من الصعب ترميم الشخصية العراقية أمام فداحة الخسارة التي أصابتها في الصميم.
المسرح العراقي من الداخل تتمثل في “نساء لوركا” للمخرجة عواطف نعيم (محترف بغداد المسرحي). العرض توليفة مسرحية تحاكي نساء لوركا في “بيت برناردا ألبا” على نحو خاص، لتتوغل في هموم المرأة العراقية في ظل الاحتلال. والعرض الثاني يحمل توقيع المخرج مهند هادي بعنوان “حظر تجوّل” (الفرقة الوطنية للتمثيل)، وهو محاكاة ساخرة للواقع العراقي اليوم.
ولأول مرة تحضر فلسطين “الداخل” في ثلاثة عروض مهمة: “الجدار” (فرقة مسرح القصبة) اخراج ابراهيم خوري، و“جدارية” محمود درويش كما أعدها خليفة ناطور ومسرحها نزار أمير زعبي (المسرح الوطني الفلسطيني). ونشير أخيراً الى مونودراما بيان شبيب “صفد شاتيلا من وإلى” التي تصور الظروف القاسية في مخيم اللاجئين في شاتيلا (جائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)، وهي من اخراج اناميكي فيليس (فرقة عشتار).
ويلجأ الثنائي المغربي ثريا جبران وعبد الواحد عوزري إلى نص جان جينيه “أربع ساعات في شاتيلا”(فرقة مسرح اليوم ــ المغرب) لاستعادة أصداء مجزرة صبرا وشاتيلا. وفي مسرحية “قبعتان ورأس واحد ــ الأردن ” يقتبس حسين نافع نص مؤنس الرزاز في مقاربة كوميدية لواقع عربي يرزح تحت وطأة غياب الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان. فيما يختار محمد أبو السعود أحد نصوص سعد الله ونوس الأخيرة “أحلام شقية” (فرقة الهناجر ــ مصر)، في عرض من بطولة عايدة عبد العزيز وسلوى محمد علي، يقوم على الإشارات والإيحاءات بما يشبه نعياً لأحلام جيل عربي أخفق في تحقيق أحلامه وشعاراته القومية. وتشارك اللبنانية خلود ناصر بعرض إيمائي عنوانه “سكويك”. يشتغل العرض على مشاعر شخصيات متعددة تجد نفسها تحت وطأة السرعة والقمع والضغط.