خليل صويلح
لم يختلف سيناريو إيقاف بث قناة «شام»، أول تلفزيون سوري خاص، عن سيناريوهات أخرى تتعلق بواقع الاعلام الخاص. ففي غياب قانون جديد ينظم العلاقة بين الحكومة ووسائل الإعلام، تبقى كل الاحتمالات واردة. هذه المرة كان البلاغ «شفهياً»، من وزير الإعلام شخصياً، مثلما كانت الموافقة شفهية. وليس السبب كما أشيع هو الرعب الرسمي من أول نشرة أخبار سياسية للمحطة. فالعاملون تسللوا من التلفزيون الرسمي، و»تربّوا» في هذه المدرسة العريقة التي ترفع شعار»انجُ بجلدك». مدير المحطة كان مستشاراً لوزير الإعلام، ومدير البرامج كان مديراً للتلفزيون الرسمي.
رفعت «شام» منذ انطلاقها شعار «الحشمة»، بما فيها السياسية. حتى أنّ صاحبها أكرم الجندي، وهو عضو في مجلس الشعب، صرّح بأن مفاجأة القناة ستكون بثّ وقائع صلاة الجمعة «على الهواء مباشرة» وهو ما تجاهلته طوال عقود المحطات الرسمية.
الاعلام الخاص في سوريا إذاً سيظل أسير الارتجالات الحكومية في غياب قوانين صريحة تحمي انطلاقته. محطة «شام» نفسها، لم تحصل على ترخيص رسمي للبث من الأراضي السورية، وها هي تتوقف للأسباب ذاتها. الأمر ليس صدمة إذاً، فهو من صلب التفكير الإعلامي الرسمي. وعلينا أن نتذكر هنا، كيف توقفت «الدومري»، أول صحيفة سورية خاصة، بعدما حققت حضوراً في الشارع السوري، وسمح لاحقاً بصحف أخرى لا تقول شيئاً وهي في معظمها إعلانية.
لعل المسألة تتعلق بـ»كعكة الإعلانات». محطة «شام» حققت نسبة مشاهدة، خصوصاً أنها استقطبت أهم المسلسلات الدرامية السورية، في رمضان من دون حذف على عكس ما فعلته المحطات السورية الرسمية. وهذا ما أخاف قناة أخرى تستعد للانطلاق هي «دنيا» المملوكة من رجل أعمال أكثر سطوة، وفي هذه الحال ستصب الإعلانات لمصلحة هذه القناة دون غيرها. ومن الواضح أن «دنيا»، أوسع جغرافياً من اسم «شام».
ابحث إذاً عن كعكة الإعلانات. وما عداها ليس سوى تفاصيل من نشرة الأخبار إلى نشرة الاحوال الجوية، وانتهاء بـ»برجك اليوم». وبرج قناة «شام» يقول «الحظ يجافيك في هذه الفترة، حاول مرة أخرى»!