خالد صاغيّة
استفاق المواطن ألِف باكراً اليوم. لبس بذلة محترمة، تعطَّر جيّداً، ثمّ توجّه إلى وسط المدينة. قرع باب البرلمان، وقال إنّه جاء للمشاركة في جلسة التشاور.
خضع ألِف للتفتيش من حرس المجلس النيابي. وبعد التدقيق، تبيّن أنّه ليس نائباً في البرلمان، وأنّه لا ينتمي إلى الفئة «باب أوّل». اعتذر الحرس من ألِف، وطلبوا منه إخلاء المبنى. لكنّ ألِف أصرّ على موقفه، وأخرج من سترته بطاقة دعوة باسمه، للمشاركة في طاولة التشاور.
نظر الحرس بعضهم إلى بعض بذهول. فالبطاقة صحيحة مئة في المئة، وتحمل فعلاً توقيع صاحب الدعوة، رئيس المجلس النيابي. لكن، رغم ذلك، لم يأذنوا له بالدخول.
عندها، بدأ ألِف بإبراز جميع المستندات المطلوبة. أخرج أوّلاً تقريراً طبياً يثبت انعدام حساسيّته. فأدّى له الحرس التحيّة، لكنّهم رأوا أنّ ذلك وحده لا يخوّله المشاركة. فأبرز لهم سند ملكيّته لمجموعة من المصارف والشركات العقارية الضخمة. فأبدى الحرس دهشتهم، لكنّهم قالوا إنّ شرف المشاركة في التشاور يتطلّب المزيد. فأعطاهم حصر إرث يثبت أنّ والده، قبل موته، قد أورثه طائفة لبنانية كاملة. ثمّ أرفق حصر الإرث هذا بعريضة موقّعة من كافّة أبناء الطائفة تُسلِّم له زمام قيادتها.
عندئذٍ، اتّصل حرس المجلس بالقاعة التي تجمّع فيها المتشاورون، وقالوا لهم: «يبدو أنّ واحداً منكم ينتظر هنا». تبادل المتشاورون النظرات، ثمّ قال أحدهم: «اسأله... هل كان مجرم حرب؟».