خالد صاغيّة
«كما يعرف الجميع، ثمّة أشياء نعرف أنّنا نعرفها (known knowns)... ونعرف أنّ ثمّة أشياء لا نعرفها (known unknowns)... لكن أيضاً، ثمّة أشياء لا نعرف أنّنا لا نعرفها (unknown unknowns)»...
هذه مقتطفات من قصيدة فلسفيّة كتبها دونالد رامسفيلد في آذار عام 2003. يومها، كان رامسفيلد، على الأرجح، يقصد بـ«الأشياء التي لا نعرف أنّنا لا نعرفها» تهديدات صدّام حسين التي لا يمكن لنا حتّى التكهّن بمدى خطورتها. أحد الفلاسفة علّق على «قصيدة» رامسفيلد بالقول إنّ ثمّة بعداً رابعاً أغفله سيّد البنتاغون. إنّها الأشياء التي لا نعرف أنّنا نعرفها (Unknown knowns). والترجمة العراقية لهذا النوع من «الأشياء» تكمن في فضائح «أبو غريب».
هذه الفضائح التي أثبتت أنّ الخطر الأساس إنّما ينبع من الأشياء التي «لا نعرف أنّنا نعرفها»، من المعتقدات التي ننكرها، والممارسات التي ندّعي أنّنا لا نعرف عنها شيئاً.
بإمكاننا القول إنّ دونالد رامسفيلد كان يمثّل هذا الدور تحديداً. إنّه ملك الأشياء التي لا نعرف أنّنا نعرفها. فهو لم يعطِ تعليمات بتعذيب السجناء، لكنّ كلّ من تلقّى التعليمات اعتبر أنّ المطلوب ممارسة التعذيب. وهو من تستّر على فضائح «أبو غريب» ثمّ أعلن أنّها ليست إلا «رأس جبل الجليد».
طار رامسفيلد، ربّما، لأنّ اللعبة انتهت. و«الفِيَش» أصبحت كلّها على الطاولة. أمّا في لبنان، فثمّة من لا يزال مصرّاً على أنّه لا يعرف أنّه يعرف.