تستأنف «الجمعية اللبنانية للفنون ــ رسالات» موسمها الثقافي في بيروت، وتحديداً في ضاحيتها الجنوبية حيث يقع مسرحها الكبير (الغبيري). موسم «رسالات» الثقافي تعطيه وسماً هذه المرة تحت مسمى «أربعا بنص الجمعة»، فأنشطتها الأسبوعية التي تمتد حتى شهر رمضان المقبل، ستكون أسبوعية وتحديداً كل يوم أربعاء، متنوعةً بين المسرح والشعر وفنون الحكاية وبالتأكيد مع الإنشاد وعروض الأفلام.
«لقد كنا موجودين دائماً، لكن الأوضاع السياسية هي التي حتّمت أن نتوقف قليلاً عن أعمالنا، فقد كان هناك خطرٌ كبيرٌ في جمع جمهور كبير في قاعةٍ واحدة في عز تلك التفجيرات الإرهابية» يخبرنا مدير «رسالات» النشيط للغاية محمد كوثراني. يتنقل الأخير من مكانٍ إلى آخر مشرفاً على كل شيء، متابعاً مختلف الأمور بدقةٍ. «لا يعرف الجميع كيف تعمل «رسالات»، يعتقدون بأن هناك دفقاً مالياً هائلاً، وأنه بهذه الطريقة يتم العمل، لكن ما لا يعرفونه أننا نعمل فعلياً بطريقة التعاون المباشر والفعلي مع فنانين من الوسط المحلي، نستثمر بهم ومعهم». نطلب منه أن يشرح الفكرة أكثر، فيوضح: «مثلاً، في نشاط «أربعا بنص الجمعة»، نشارك مع فنانين هواةٍ كثرٍ، كما مع الشباب من مسرحية «مسلسل تركي». نحن أعطيناهم الفرصة التي كانوا يحتاجونها، لكننا في الوقت نفسه لم ندفع لهم شيئاً. في الإطار عينه توصلنا إلى صيغة معهم كي لا يضيع حقهم المادي بالتأكيد». يبدو كوثراني واثقاً من تفاعل الجمهور ثقافياً، رغم كل المخاوف الأمنية. حين نسأله عما إذا كان «الناس» ملوا من الثقافة، يجيبنا سريعاً: «هذا غير صحيح. الناس يحبون الثقافة، ومستعدون للمجيء لمشاهدة فيلم راق أو نشاط مسلٍّ وهادف، خصوصاً أن المكان قريب من الناس، ويقدم قيمة فنية رائعة بأسعار زهيدة (الدخول 5000 ليرة لكل نشاط) علماً بأننا لم نكن نأخذ بدلاً في المواسم السابقة، لكن الظروف قاسية بعض الشيء في الوقت الحالي».

حفل إنشادي من إعداد حسين زعيتر يستلهم ولادة الإمام علي


أتت مسرحية «مسلسل تركي» كعرضٍ افتتاحي لهذا البرنامج الفني قبل أسبوعين. غامرت «رسالات» مع كوكبةٍ من الشباب قدّموا «تقريباً» مسرحيتهم الأولى أمام جمهورٍ وصل إلى 600 مشاهد. نجم العمل وكاتبه (مساعد المخرج أيضاً فيه) علي منصور كان «دينامو» هذا العرض الكوميدي الذي أخرجه ماجد زغيب (شارك فيه ممثلاً أيضاً). يُسرّ كوثراني لـ «الأخبار» بأن المسرحية «تجربة تستحق أن يشاد بها، خصوصاً أن الكتابة الكوميدية صعبة وتحديداً لجمهور متدين عموماً. إذ تلجأ غالبية برامج الكوميديا إلى استعمال التلميحات الجنسية، بينما كنّا هنا أمام امتحان إضحاك الناس من دون خدش حيائهم أو التلفظ بما يخالف أخلاقنا. لقد نجحنا في ذلك، إذ يمكن ملاحظة ردود فعل الجمهور بعد انتهاء المسرحية». تأتي المسرحية لتسخر من علاقة المشاهد بالتلفزيون، وعلاقة المشاهد بالمشاهد نفسه في إطارٍ كوميدي بحت. قد تكون هناك بعض العثرات الدرامية أو الأدائية، لكنها بسيطة يمكن العمل عليها وتلافيها لاحقاً، خصوصاً أنّ هذا العمل كما أشرنا هو الأول للكثيرٍ من المشاركين. لكن ما كان لافتاً هو الحضور الكثيف للعنصر النسائي في العمل. ظهرت زينب برجاوي كواحدة من البطلات وكان أداؤها جيداً، فضلاً عن وجود زينب رسلان كمديرة للمسرح، وضحى عودة في الصوت والإضاءة.
أكملت «رسالات» أنشطتها مع عرض الفيلم الإيراني «العروج» للمخرج مسعود ده نمكى. شاهد الجمهور اللبناني الفيلم قبل أيام للمرة الأولى في لبنان، بعدما كان قد حقق نجاحاً كبيراً في إيران. يتحدث الشريط عن علاقة أحد الشبان بأهله ورغبته في تحقيق أحلامه بالذهاب إلى الجبهة للقتال، فيصطدم برغبات والده في ثنيه عن ذلك. وستكمل «رسالات» برنامجها الأربعاء المقبل (13 أيار/ مايو) في حفلٍ إنشادي وموسيقي من إعداد حسين زعيتر بوحي من ولادة الإمام علي؛ لتتبعها في الأسبوع الذي يليه بنشاط مع «الحكواتية» سارة قصير في تجربة «كل خبرية بغنية» مختلفة وغير معتادة، ويرافقها وسام حمادة عازفاً على عوده. وضمن أجواء عيد التحرير والانتصار في 27 أيار، تقام أمسية «لحن الانتصار». وستعزف الفرقة الهارمونية التابعة للموسيقى المركزية الكشفية بقيادة علي باجوق، أعمالاً للفنان مارسيل خليفة، و«سمفونية التحرير»، و«الضوء المشذى» وسواها من الأناشيد الوطنية المعروفة. أما في 3 حزيران (يونيو)، فيأتي الفيلم الإيراني «قبلة على وجه القمر» (حائز جائزة أفضل هندسة صوتية في «مهرجان الفجر» عام 2014)، لتختتم الأنشطة في 10 حزيران مع حفل «313» الموسيقي الوجداني لمهدي كلاس كمؤلفٍ موسيقي، وعلي حسن على الكمان (وكذلك مرتجلاً) مترافقاً مع وصايا شهداء المقاومة (على الشاشة).

* «أربعا بنص الجمعة»: حتى 10 حزيران (يونيو) ـــ كل يوم أربعاء 20:30 ــ «مسرح رسالات» (الغبيري) ــ للاستعلام: 71/168485