جورج موسى
أدرك الإعلام اللعبة. وها هو يقدّم لنا حياة المشاهير
على طبق من فضة. أصبحت أسرارهم وعاداتهم اليومية في جعبتنا، نخرجها كلّما ضجرنا، ونحلم بيوم نتحوّل فيه إلى «أمراء»


نعيش اليوم زمن “الهوس بالمشاهير” أكثر من أي وقت مضى... في وقت غزت فيه برامج اكتشاف النجوم وتلفزيون الواقع الشاشة، وبات الإعلام برمّته، يروّج لصورة النجم وأخباره وصولاً إلى أسراره الحميمة... إنها متعة التلصص، تثلج صدور أولئك القابعين في منازلهم، يتسللون إلى غرفة التلفزيون، يضيئون الشاشة، ويعيشون أحلام الشهرة وبهارجها.
قد تساعدنا هذه الصورة مثلاً في فهم الخلاصة التي أتى بها منتدى إعلامي أقيم قبل أشهر في دبي ودرس حركة الإعلام العربي: توقع المشاركون أن تلاقي المجلات الفنية المهتمة بكواليس الفنانين، والمواضيع الاجتماعية الخفيفة، نجاحاً كبيراً في حين ستندثر صناعة المجلات السياسية والشهرية والأسبوعية. إذ يرى المحللون أن القراء استعاضوا منها بالقنوات الإخبارية، وان المشهد الإعلامي اليوم لم يبق مكاناً للمواضيع الجادة. ويعزو المحللون نجاح المجلات الفنية إلى ما وصل إليه القراء من حال جنون في تتبّع أخبار النجوم. فعلى سبيل المثال لا يجد الراغب في قضاء يوم كامل في قراءة أخبار النجوم، ضرراً في هذا الأمر الذي يبعث فيه الرضى والاستمتاع.
ابنة الفلاح والأميرة
متابعة حياة المشاهير، أكانوا فنانين أم سياسيين، هي جزء من اللعبة الاجتماعية العصرية التي تسمح لأي كان بالحلم أو العيش “بالواسطة” عبر متابعة تفاصيل حياة لا تبدو في متناول اليد. كأن القصص الخرافية تخرج من التاريخ لتتحول حقيقة: ابنة الفلاح تعيش كأميرة، والشاب الأمي يصبح وزيراً...
هكذا فهم الإعلام شروط اللعبة. جندت المجلات الفنية أقلامها لمتابعة أخبار الفنانين ومعرفة مثلاً متى يستيقظون ومتى ينامون ومع من يخرجون وأين يأكلون. وهكذا أيضاً انتشرت ظاهرة الـ“البابراتزي” و“تلفزيون التابلويد” الذي ظهر في ثمانينيات القرن الماضي وبات يعرض أفلاماً مصورة عن الحياة الخاصة للمشاهير... من دون موافقتهم طبعاً.
هذا المساء، سيكون موعد الجمهور مع برنامج جديد، استوحى فكرته من اللعبة الاجتماعية، لكن بموافقة النجم. إذ تعرض “إم بي سي” في ثلاث حلقات الجزء الثاني من “ما لا تعرفونه عن”. أما بطل الثلاثية الأخيرة فهو راغب علامة.
يستحق الـ“سوبر ستار” احتفاء بتجربته الفنية. فهو، منذ سنوات، رسم مكانة فنية لم يستطع أحد اختراقها حتى اليوم. مكانة جعلت منه النجم رقم واحد في الحفلات ومبيعات الألبومات. استطاع في أقل من ربع قرن، أن يحقق أرشيفاً غنائياً يؤرخ لحقبة أساسية من تاريخ الأغنية اللبنانية والعربية. وعرف، بذكاء فطري، كيف يجاري أي تطور موسيقي أو بصري، ليبقى صامداً في زمن عواصف الفيديو كليب الذي كان أحد رواده.
ستكون القصة حتماً مؤثرة: ذلك الطفل الشقي الذي ولد في حيّ شعبي، وكان حلم الغناء يدغدغ مخيلته. دخل مراهقاً الإذاعة اللبنانية، وصدّه أحد روادها. ثم انتقل إلى كنف سيمون أسمر، ليعلن سريعاً ولادة نجم جديد... لكنها أيضاً قصة مجتهد، أصبح اليوم أحد أبرز رجال الأعمال والمستثمرين العرب. سترافق الكاميرا “معبود” النساء والوالد الحنون، في جولاته الغنائية في أوروبا والعالم العربي. وستزور منزله في باريس، وتعيش معه مغامرة الـ“فورمولا 1” في البحرين، وترافقه في حفلة موريتانيا حيث كان أول عربي يغني فيها...
كل هذه الأمور قد تجعل من راغب علامة، حلماً يدغدغ مخيلة شباب اليوم. يراهن البرنامج كثيراً على هذه اللعبة (ويبدو هذا واضحاً من العنوان)، لكنه اختار أيضاً راغب علامة ونانسي عجرم (عرضت حلقاتها سابقاً) وكاظم الساهر وصابر الرباعي (ستعرض حلقاتهما بعد علامة)، أي أسماء لم تأت من فراغ، وهناك أشياء كثيرة في مشوارها مع صناعة النجومية، تستحق أن نعرفها... أما المشاهدون فقد يسافر بعضهم إلى منزل راغب في باريس ثم يعود إلى غرفته. لكن هناك حتماً من سيهرول سريعاً إلى غرفته بعد نهاية الحلقة، ليمسك الميكروفون ويغني متألماً: “نسيني الدنيا”!

«ما لا تعرفونه عن راغب علامة» عند الثامنة والنصف على MBC.