فاطمة داوود
لم تطأ قدما المغني العراقي ماجد المهندس أرض العراق منذ عشر سنوات. لكن الحنين إلى بلده يؤرقه، عائلته لا تزال هناك تنتظر عودته، وحلمه بالرجوع يبقى أمنية عساها تتحقق. يقول: “أهلي ونادي المعجبين في العراق يلحّون عليّ بعدم العودة الآن إلى الوطن”. قالوا لي: “لا تعود، نريدك حياً تغنّي العراق في كل مكان”. من هنا، يؤكد المهندس أن حرصه على تقديم الأغاني العراقية، يفوق اهتمامه بالأغنيات المصرية أو اللبنانية التي يحبها الجمهور، وتسهم أكثر في شهرته.
لذا، يشير إلى أنّ المسؤولية التي تقع على عاتقه وعلى عاتق كاظم الساهر ورضا العبدالله وغيرهم من فناني العراق، تتطلب جهداً حقيقياً لنشر هذا الفن وتراثه. “غنيتُ ألحاناً على إيقاع الخشّابة، وقدّمت المواويل العراقية، وأدرجت المقامات العراقية المعجونة بالشجن في معظم أغنياتيلكنه، في المقابل، يرفض المقارنة بينه وبين الساهر أو العبدالله، “قد يكون كاظم الساهر الأكثر حضوراً في ذاكرة الناس. لكن لكل واحد منّا، نحن الشباب، خطاً غنائياً مستقلاً”.
مع ذلك، أطلق المهندس قبل أيام ألبومه الجديد “إنجنيت”، طرق فيه باب الأغنية الخليجية والمصرية لاستقطاب جمهور جديد، “لكن الأغنية العراقية بقيت الرئيسية في العمل”. ماذا إذاً عن الأغنية الوطنية؟ يجيب فيما ترتسم ابتسامة صفراء على وجهه: “قد يُطلب من المغني العراقي أن يغني آلام وطنه وجراح أهله أكثر من أي فنان آخر. وأنا أؤمن بدور الفنان في زمن الحرب. وهو ما لمسته من ردة فعل العراقيين لدى تقديمي أغنية “تفرج يا عراق”. قد تغيب الأغنية الوطنية بمفهومها العام، إلا أنها تحضر عندما نقدم لهجتنا ونتحدث عنها”.
لكنّ أغنية “صباح الخير يا لبنان” التي قدمها خلال الحرب الإسرئيلية الأخيرة على لبنان، تعرضت لحملة نقد واسعة بسبب استناد الفيديو الكليب إلى مجموعة من صور الموت والدمار والمشاهد الدموية. يقول منفعلاً: “حاولت الاستعانة بهذه الصور من أجل تأليب الرأي العام. عرضت هذه المشاهد على جميع الشاشات، وعندما قدمت مرة أخرى في كليب يبثّ مراراً على الشاشة، ترسخت في أذهان المشاهدين العرب الغارقين في سبات عميق منذ سنوات... رفض بعضهم الأغنية ليس سوى دليل على أن العرب لا يعرفون مواجهة الواقع، ويهربون منه دوماً”.
غزة والضمير العربي
وكان المهندس قد شارك هذا العام أيضاً في أوبريت “الضمير العربي”. ويقول: “أعتقد أن الأغنيات الوطنية التي قدمتها سابقاً، جعلتهم يختارونني لتأدية مقطع غنائي يتحدث عن الأوضاع الصعبة في غزة وبيروت وبغداد”.
وبعيداً من السياسة، يعترف المهندس بأن انتشاره على الساحة الغنائية بات مرتبطاً بشركة الانتاج التي تدعم مسيرته، “لست محظوظاً كفاية. بدأت الغناء قبل سنوات طويلة، وبحثت عن الدعم في عمان وباريس وبغداد ودمشق والمنامة. كانت جميع الاتفاقات التجارية تنتهي بالفشل بسبب قلّة ثقافة المنتجين ووعيهم، وعقود الاحتكار التي كانوا يفرضونها عليّ. لكنني أخيراً، تعاونت مع شركة “روتانا”، فتغيرت المعادلة، وحققت بفضل انتشار قنواتها وجهودي، بعض الانتشار”.
ويؤكد أن اختياراته الغنائية ساعدته على نيل رضا الشركة، وهذا ما يفسر اهتمامها بتصوير ثلاث أغنيات له دفعة واحدة، وإقامتها حفلة توقيع لألبوم مباشرةً على الهواء، وإصرارها على مشاركته في معظم المهرجانات العربية، حتى تلك التي لم يُدعَ إليها كاظم الساهر.