القاهرة ــ محمد شعير
هل تكون الرواية الجديدة لصنع الله إبراهيم تعبيراً آخر عن الحراك السياسي والاجتماعي الذي اعتاد هذا الروائي تصويره في أعماله معتمداً تقنية الأرشيف؟ لا شك في أنّ القارئ الوفي لابراهيم سيفاجأ بأنّ “التلصّص” تخلو من كل ذلك!
يهاجر صنع الله ابراهيم (1937) في روايته الجديدة “التلصص” التي ستصدر في كانون الثاني (يناير) المقبل عن دار “المستقبل” (القاهرة)، إلى أرض بكر بالنسبة اليه. سيتوغل في سنوات الطفولة وقاهرة الأربعينيات!
يقول الروائي المصري “إنّ خلفية “التلصص” تدور حول ما حدث في عام 1948”. إذاً، هل ستتناول الرواية حرب تحرير فلسطين وقضية الأسلحة الفاسدة؟ يضحك مضيفاً: “ما حدث مع الجيوش العربية سيكون مجرد إشارة بسيطة، لأن الرواية ستُروى من منظور طفل لم يتجاوز الـ 11 عاماً، أحاول فيها أن أرصد العلاقة بين الطفولة والشيخوخة... وما الذي جرى على المستوى الشخصي خلال هذه السنوات”.
لم تقارب روايات صنع الله ابراهيم السيرة الذاتية، بل مثّلت بانوراما كاملة لتاريخ مصر وتاريخ الثورات العربية ومصائرها. هكذا، تناولت روايته الأولى “تلك الرائحة” (1966) تجربة شاب مصري في معتقلات عبد الناصر بتهمة الانتماء إلى تنظيم شيوعي، رآها النقاد آنذاك من أجرأ الروايات التي عرّت علاقة الجماهير بالسياسة، بطريقتها الدقيقة في التعبير والتحريض والتمرد، وبلغتها المتقشفة والحادة. تلك الرواية أزعجت أديباً مثل يحيى حقي بنفس القدر الذي أزعجت فيه جهاز الرقابة، الى درجة دفعته الى مصادرتها ومنعها لأكثر من عشرين عاماً. وعاد صنع الله ابراهيم مرة اخرى الى ثيمة السجن في روايته “شرف” (1997).
أما روايته “نجمة أغسطس” (1974) فتناولت التناقض بين صورة بناء السد العالي المرسومة في وسائل الإعلام وبين الواقع القمعي اللا إنساني في مكان البناء. وأبرزت أوجه الشبه بين جمال عبد الناصر وبين الملك الفرعوني رمسيس الثاني، الذي بنى معبد أبو سمبل. إذ شيّد كلّ منهما لنفسه نصباً تذكارياً عبر أعمال بناء ضخمة.
أما روايته “اللجنة” التي نشرت عام 1981، فجاءت هجاءً ساخراً لسياسة الانفتاح الاقتصادي التي انتُهجت في عهد الرئيس السادات وفتحت مصر على الاستثمارات الغربية، وأدّت بسرعة إلى انهيار الطبقة الوسطى.
أما “ذات” (1992) فصوّرت حياة امرأة من الطبقة الوسطى المصرية خلال حكم الرؤساء الثلاثة: عبد الناصر، والسادات، ومبارك، وما رافقها من تدهور للظروف المعيشية وتنامي الاصولية الدينية.
الحرب الأهلية اللبنانية كانت موضوع روايته “بيروت بيروت” (1984) فيما تناول في “وردة” (2000) تجربة جبهة التحرير في سلطنة عُمان أوائل السبعينيات. وكانت آخر رواياته “أمريكانلي” (2003) التي نقلت تجربة أستاذ تاريخ مصري في جامعة أميركية، قدم فيها صنع الله وجه أميركا في بانوراما جمعت المتناقضات في تجاور مربك أحياناً.