القاهرة ــالأخبار
قد لا يبدو خبر استقالة شاعر العامية الشهير عبد الرحمن الأبنودي من عضوية “اتحاد كتاب مصر”، خبراً مفاجئاً. منذ فترة طويلة، قرّر جميع الأدباء المصريين قطع علاقتهم بالاتحاد، بعدما عدّوه مؤسسةً هشةً لا تملك اي دور مؤثر في المشهد الثقافي المصري. حتى إنّ بعضهم أطلق عليه تسمية “اتحاد دفن الموتى”!
لكنّ خبر الاستقالة أمس، أحدث دوياً كبيراً في الوسط الثقافي. إذ جاء قبل أيام من انعقاد “المؤتمر العام للأدباء والكتاب العرب الثالث والعشرين”، الذي سيقام من 21 إلى 25 من الشهر الجاري.
بدأت القصة عندما أرسل الأبنودي إلى رئيس “اتحاد كتاب مصر” محمد سلماوي برقية جاء فيها: “أرجو قبول استقالتي من الاتحاد... أظن أنني لست في حاجة إلى أن أكون عضواً في بدن لا يحس ولا أحس به”.
الا أنّ محمد سلماوي قال في حديث الى “الأخبار” إنّه لم يتلقّ أي رسالة من الأبنودي، بل علم بخبر الاستقالة من أصدقائه الصحافيين. إذ “يبدو أن خدمة البريد سيئة” على حد تعبيره!
لكن ما هو السبب الحقيقي وراء هذه الاستقالة المباغتة؟ تحدث عبد الرحمن الأبنودي عن عدم وضع صورته في النشرة التي أصدرها الاتحاد أخيراً بمناسبة الاحتفاء بنجيب محفوظ بعنوان “محفوظ على مائدة الكتاب العرب”. الا أنّ سلماوي الذي رأى حجة الأبنودي واهيةً، أكد أنّ المؤتمر خصّص عدداً من الجلسات لشهادات أصدقاء صاحب نوبل، حيث سيتحدث الأبنودي أيضاً. وأضاف: “إذا كانت الاستقالة لأسباب أخرى، فعلى الأبنودي أن يكشفها لنا لنتضامن معه ونستقيل نحن أيضاً”.
في الواقع، تلخّص هذه القصة صراعاً مكتوماً على تركة نجيب محفوظ... ومن سيصبح ناطقاً رسمياً باسمه. هل هو محمد سلماوي الذى التقى محفوظ لأول مرة بعد حصوله على نوبل، ثم سافر إلى استوكهولم لتسلّم الجائزة عنه، بحكم منصبه في ذاك الوقت رئيساً لقطاع العلاقات الثقافية الخارجية؟ أم شاعر العامية وعاشق الأضواء الذي عرف محفوظ، بعد تعرضه لحادثة الاغتيال في عام 1994 وأصبح منذ ذلك الوقت من رواد جلساته؟
الا أنّ هذه المعركة لم تشغل أحداً من الأدباء بالقدر الذي لا يشغلهم ما يدور من معارك داخل الاتحاد الذي “ولد مبتسراً ودخل حضانة الحكومة ولم يخرج منها حتى الآن” حسب تعبير الناقد والمستشرق الفرنسي ريشار جاكمون!
سلماوي أصرّ على رفض استقالة الأبنودي مؤكداً أن مصر مقبلة على معركة كبرى لاسترداد منصب الأمين العام لـ“الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب” خلال المؤتمر، وعلى كل الكتّاب التضامن لتحصل مصر على هذا المناصب الغائب عنها منذ نهاية السبعينيات. وأضاف بلغة كلاسيكية قديمة: “مصر أكبر من أن يجري الاقتراع عليها. ولن نرشح أنفسنا فى مواجهة أحد على المنصب”. في إشارة إلى إعلان رئيس رابطة الكتاب الأردنيين أحمد ماضي ترشيح نفسه فى مواجهة مصر. هذه اللهجة أثارت سخرية كثيرين دهشوا لمحاولة ربط اسم مصر باسم رئيس اتحاد كتابها. وأضاف سلماوي أن هناك محاولات تبذل لكي تتنازل الأطراف الأخرى عن الترشيح ليصبح الباب ممهداً أمام مصر وحدها للحصول على المنصب.
من جهة أخرى، انتهت لجنة التحكيم السرية من اختيار الكاتب العربي الذي سوف يحصل على جائزة “نجيب محفوظ للكاتب العربي” التي تمنح سنوياًَ. وحصل على الجائزة العام الماضي الروائي السوري حنا مينه فيما تشير كل الدلائل إلى أنها سوف تكون هذه المرة من نصيب الشاعر الفلسطيني سميح القاسم!