مهى زراقط
احتلت صورة استديوهات قناة “الجزيرة” الفضائية غلاف عدد الأسبوع الفائت من مجلة “تايم” الأميركية. خصصت المجلة أربع صفحات لمراسلها في الدوحة سكوت ماكلاود للكتابة عن ولادة هذه القناة، والتحديات التي واجهتها، وسبب انتشارها الواسع خلال عشر سنوات، وصولاً إلى مشروعها الأخير في إنشاء قناة ناطقة باللغة الانكليزية (الجزيرة انترناشيونال)، تتوجه بها إلى الجمهور الغربي.
اللافت في المقال عنوانه المختصر جداً والدالّ جداً: “هدم الجدران” Tear down the wall.
العنوان الذي اختارته “تايم”، لا يرد في المقال إلا مرة واحدة في إطار الحديث عن الدور الذي لعبته “الجزيرة” في “هدم الجدار النفسي الذي بنته الأنظمة العربية لتخويف مواطنيها”. وهي جملة قد لا تكون الأفضل للتعبير عن المضمون الذي يختتم بتحديات يفترض بالقناة “التي تخوض إحدى أبرز مغامراتها”، مواجهتها لإثبات صدقيتها لوزارة الخارجية الأميركية.
لكن لهذه العبارة معنى خاصاً لدى القارئ الأميركي يتخطى الترجمة الحرفية. إذ تحيل جملة “tear down the wall” إلى الرسالة ـ التحدي التي توجه بها الرئيس الأميركي رونالد ريغان في خطاب شهير ألقاه في حزيران من عام 1987 إلى الأمين العام للحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي (آنذاك) ميخائيل غورباتشوف. وكان ريغان يقصد جدار برلين (الذي سقط في 9 تشرين الأول 1989). ويمكن العودة إلى تاريخ العلاقات بين الرجلين لمعرفة أهمية هذا الخطاب الذي جاء في إطار عملية حوار غير مباشر بادر إليه غورباتشوف (الذي تحوّل الشخصية الأكثر شعبية في أميركا وتوّجته “تايم” رجل العام 1987).
ربما لا يتوقع ماكلاود أن تقوم “الجزيرة انترناشيونال” بالدور الذي قام به غورباتشوف، وربما كان العنوان مجرد أمنيات مجلة “تايم”. وقد لا يكون أيضاً أكثر من محاولة استعارة جملة رنانة على غرار عناوين التحقيقات العربية “القضية الفلانية بين مطرقة كذا وسندان كذا”..
عندها فقط، يمكن الاكتفاء بالترجمة الحرفية للعنوان والقول إن “إسقاط الجدران” هو طموح كل مؤسسة إعلامية ترغب في تأدية دور بنّاء في محيطها، وهنا يكمن تحدي كل المغامرين.