ربى أبو عمّو
تجلس المرأة الخمسينية في زاوية مقهى في شارع الجميزة ــ بيروت، لا تضع وشماً على ذقنها، ولا حِنّة على كفيها، لا تلبس عباءة سوداء، تغطي نصف شعرها، لا «تتربَّع» على الأرض. بل هي شقراء، تضع نظارة شمسية، وتلبس سروال «الجينز».
تضع المرأة لافتة على الطاولة التي تجلس عليها، لتعرّف بنفسها : “بصارة عصرية”.
تسمح “البصارة العصرية” لزبائنها باختيار وسيلة التبصير. عبر قراءة الكف، أو العيون، أو من خلال الورق، أو فنجان القهوة. تتقدم نحو زبونة تفتح لها كفيها فتقول البصارة للشابة: “ستعيشين كثيراً، سيتحقق لكِ شيء جميل، قبل نهاية العام الجاري كحد أقصى، وإلا فأنا لست شاطرة». هذه كانت المشورة الأولى لتلك الصبية، التي فرحت بما سمعته وراحت تردد أمام أصدقائها “على الأقل لن أموت إذا وقعت حرب جديدة في هذه الفترة لأن عمري طويل”.
بعد نصف ساعة، جلس شاب أمام البصارة وطلب منها أن تقرأ له الكف أيضاً. ركزت في خطوط اليد الممدودة أمامها، وسألت الشاب عن تاريخ ولادته ثم كررت على مسمعه “عمرك طويل، وسيحدث معك شيء جيد قريباً”. التبصير بواسطة العيون لا يشي وفق ما تقوله البصارة بشيء مختلف، فهي تردد أمام كل زبون الجملة عينها عن العمر الطويل والشيء الجميل الذي سيحدث.