القاهرة ــ محمد محمود
كثير من الأضواء وقليل من الضجة الإعلامية. هكذا مرّت أيام “ملتقى المنتجين العرب” في القاهرة. انشغل الحاضرون في تكريم الفنانين، وأهملوا القضية التي اجتمعوا من أجلها. وأعادوا إشعال الحرب الدراميّة بين مصر وسوريا

قرر منظمو ملتقى المنتجين العرب هذا العام مواجهة الصعوبات والعراقيل التي وضعتها أمامهم جهات رسمية مصرية، عبر تكريم أكبر عدد ممكن من الفنانين في محاولة لجذب الأضواء. وفيما أصرّ وزير الإعلام المصري أنس الفقي على أن تنطلق فاعليات الملتقى تزامناً مع بدء مهرجان الإذاعة والتلفزيون، آثرت الأمانة العامة لاتحاد المنتجين العرب أن تسبق المهرجان المصري بأسبوع واحد، وأن تطلق نشاطاتها في شكل مستقل تحت مظلة الجامعة العربية، مستعينة باسم أمينها العام عمرو موسى. وكان حضور هذا الأخير حفلة الافتتاح، ورعايته الحفلة الختامية التي أقيمت داخل مبنى الجامعة، عاملين أساسيين في جذب عدد كبير من النجوم العرب، ليس لديهم جميعاً دور مباشر في صناعة الدراما التلفزيونية، المحور الأساسي في ندوات الملتقى.
لكن صنّاع الحدث وجدوا لتكريم عدد كبير من الفنانين طوال أيام الملتقى، تبريرات جمة. في حفلة الافتتاح، عزا المنتجون تكريم كاظم الساهر إلى أغانيه الوطنية. فيما لم يحتاجوا إلى مبرر لتكريم الوليد الإبراهيم، المدير العام لـ MBC، أول فضائية عربية. وكرّمت إدارة المهرجان كلاً من سميرة أحمد والمنتج عادل حسني والمنتج الكويتي خالد الشريعان والإعلامي الإماراتي عبد الله النويس والمنتج الأردني جواد مرقة. ثم جاء دور عمرو موسى. وبعدما كرم الضيوف، كرّمه أمين الاتحاد إبراهيم أبو ذكري.
وفيما دارت في كواليس الملتقى أحاديث عن تبديل أسماء المكرمين مرات عدة، بسبب تضارب مواعيد بعض الفنانين مع حفلات التكريم، نجح المهرجان في تسجيل حضور لافت لعدد كبير من الممثلين والفنانين العرب، حتى إن بعضهم قبِل الجلوس مع الجمهور في الصفوف الخلفية، بسبب عدم وجود أماكن مخصصة لهم في الصفوف الأولى.
أما في حفلة الختام التي أقيمت أول من أمس، فقد طالت لائحة المكرمين معظم الحاضرين تقريباً. وضمت اللائحة أسماء بحجم يحيى الفخراني وحسين فهمي وجمال سليمان وأيمن زيدان وحياة الفهد وسعاد العبدالله ويوسف الجراح ثم حنان ترك ومنة شلبي وأخيراً الشاب محمد نجاتي...
وسط كل هذه الاحتفالات، أهمل القيمون على الحدث المحور الأساسي لملتقى النجوم، أي الندوات التي شهدت في معظمها غياباً لمعظم الأسماء المقررة مشاركتها في الندوة. وكلما كان عدد المحاضرين ينقص، كانت المتابعة الإعلامية تضعف، والحضور يقلّ. أضف إلى ذلك تجاهل الملتقى دراما دول المغرب العربي وإعلامها، إذ غابت تونس والمغرب والجزائر عن الصورة، فيما كان تمثيل ليبيا ضعيفاً جداً.
وفي ما يتعلق بالدراما، اتفق المحاضرون على أن “مسلسلات الإرهاب” تناولت القضية بسطحية، معتمدة الرؤية التبسيطية القاصرة، والسقوط في التعميم. واعتبر هؤلاء أن العوامل المشجعة على الإرهاب باتت منتشرة في شكل كبير حتى وصلت إلى الرياضة. إذ يسعى المسؤولون عن البطولات العربية والدولية إلى زيادة الشحن بين الشباب في شكل يتحول إلى عنف طائفي بين أولاد الوطن الواحد. وهناك أيضاً مجموعة الشباب التابعين لبعض الجمعيات الأهلية (بينها جمعية يشرف عليها جمال مبارك)، يزورون في شكل دوري كلية الإعلام، ويطالبون أرباب هذه الصناعة بزيادة الرقابة على الإعلام.
وطالب المجتمعون اتحاد المنتجين العرب بدعم شركات الإنتاج الصغيرة التي قدمت أعمالاً جيدة لكنها لم تستطع الاستمرار. وطالبوا القنوات الفضائية بالحد من سطوة الإعلانات على الإنتاج الدرامي، وتغيير طقوس العرض وعدم اعتبار شهر رمضان سوق الدراما الوحيد، ما يسيء إلى الأعمال الجيدة التي لا تجد لها مكاناً على خريطة رمضان. وشهدت ندوة “المدن الانتاجية العربية بين الواقع والمأمول” مصالحة بين شركتي “نايل سات” و“عرب سات” ودعوة إلى التعاون بينهما بعد فترة من العلاقات الفاترة. وأعلنت عرب سات إطلاق القمر الجديد “بدر 4”. وتحدث ممثلو مدن الإنتاج الدرامي في القاهرة ودبي والأردن عن أهمية التعاون في ما بينهم وتبادل الخبرات. وأُعلن عن قرب افتتاح مدن مماثلة في سوريا والسودان.
نجم المهرجان كان جمال سليمان الذي أثار من جديد حفيظة الممثل المصري أحمد ماهر. وفيما كان الملتقى يبحث عن سبل جديدة لتوثيق التعاون الدرامي العربي، عاد ماهر إلى أسطوانته القديمة وشنّ هجوماً على الممثل السوري الذي “فشل في تقديم شخصية صعيدية شديدة الخصوصية”. هذه التصريحات أزعجت الممثل السوري أسعد فضة الذي انتقد غيرة ماهر من زميله، وأعاد قضية المنافسة بين الدراما السورية والمصرية إلى طاولة النقاش.