جورج موسى
بعد المحللين السياسيين الذين احتلوا الشاشة في الحرب، ولازموها في السلام، راح التلفزيون يبحث عن وسائل لتسلية المشاهد اللهث في ماراتون الأخبار العاجلة وصور الدمار والدم. هكذا أعاد أصحاب البرامج الحوارية اكتشاف... “شباب لبنان”! هؤلاء الشباب عرفتهم البرامج أمس في دور آخر، أكثر هدوءاً وطمأنينة: دور المصفقين الذين كانت تستأجرهم ادارة الانتاج، وتأتي بهم الى الاستديو للتصفيق والمشاركة في الاستفتاءات. جلس الشباب إلى طاولة الحوار، وقدموا وجهات نظرهم وآراءهم. لكن خطابهم بدا يشبه، الى حد بعيد، كلام زعماء العشائر والطوائف التي ينتمون إليها.
وها هو برنامج “الحدث” يكتشف، أول من أمس، وصفة سحرية: استضافة فنانين يتحدثون عن شؤون السياسة وشجونها.
كان من الصعب أن يفطن المشاهد الذي وقع على LBC عن طريق المصادفة، أوّل من أمس، أن شذا عمر الجالسة بين بين ملحم بركات وغسان الرحباني، تتحدث في حلقتها الأخيرة عن تجاذبات الساحة الداخلية وقرار المعارضة بالنزول قريباً إلى الشارع. على البلاتوه كان هناك فنانان: بركات وغسان الرحباني، وصحافي: يحيى جابر، إضافة إلى محلل نفسي وأستاذة فلسفة... وكما في الفن كذلك في السياسة، كان ملحم بركات ثائراً، يطلق تصريحات نارية في كل الاتجاهات.
وبعيداً من تمسك بركات بحلّ وحيد هو تطبيق النظام الفيدرالي(!) ودعوة الرحباني إلى التحاور والتشاور، وتخوّف جابر من سلاح حزب الله، كان على المشاهد أن يتابع مشهداً مسرحياً استعراضياً يعتمد الكثير من الفكاهة والغرابة والجنون والصراخ والضحك... وهي عناصر لا نجدها عادة في البرامج الحوارية “الجادة”. هل نجح “الحدث” في كسر الصورة النمطية الجامدة للبرامج الحوارية؟ اختار البرنامج في حلقة استثنائية ضيوفاً “أوريجينال”، لكنّهم لم يقدموا أي جديد. كل ما في الأمر أنهم حولوا برنامجاً سياسياً الى فسحة ترفيهية.
هل الخروج من أزمة البرامج السياسية يحتاج فعلاً إلى النزول إلى الشارع... هناك سترصد الكاميرا مواقف الناس، وتتركهم يقترحون الحلول.