بغداد ــ سعد هادي
تستعير مسرحية “خرجت من الحرب سهواً” عنوانها من قصيدة مشهورة للشاعر العراقي عدنان الصائغ، وهي التجربة الاولى لكاتبها يحيى ابراهيم الذي سيمثل احد دوريها الى جانب فرح طه وستحمل اخراج فـلاح ابراهيم.
بدأ نص المسرحية مخططاً أولياً ثم تطور تدريجاً اثناء البروفات، وهو يتناول قصة رجل خاض تجربة الحرب ثم ظل يعيش في اجوائها متخيلاً أنها ما زالت مستمرة. مُخرج المسرحية يشير الى أنها تستوحي التراجيديات اليونانية في مقاربتها للواقع العراقي الراهن الذي يحفل بكل عناصر المأساة. لكن هذه المأساة لا يمكن ان تستمر الى ما لا نهاية. اذ يتحول النص احياناً الى تراجيديا مضحكة لكسر الايهام لدى المشاهد وإخراجه من الجو الكابوسي الذي اجبر على العيش فيه منذ سنوات.
يقول المخرج فلاح ابراهيم: “تبدأ المسرحية بالنهاية وتنتهي بالبداية، انها عن يوميات الحياة في بلد مدمر من خلال قصة امرأة تلتقي رجلاً بالصدفة فتحاول اقناعه بأن الحرب انتهت وأنه ما زال حياً، لكنه يصر على انها مستمرة في الداخل، وأن الموت سيأتي في لحظة ما. حتى قصة الحب بينهما تشبه صراعاً بين ارادتي الموت والحياة”.
يرى كاتب النص يحيى ابراهيم ان المسرحية تعتمد على ذكاء المشاهد في اعادة تركيب الحدث الاساسي فيها. يقول: “انها رؤية معقدة وبسيطة، تشبه وقائع الحياة التي نعيشها. كل ما يجري يمكن تفسيره او الحديث عنه”. لكن ما هي القوى الحقيقية التي تحرك الاحداث؟ ولماذا تسيرها في اتجاهات معينة؟ ولماذا تبدو الحلول عصية رغم وضوحها؟ لا يعتقد المؤلف ان ذلك سيؤدي الى ادخال المشاهد في متاهة بل هو في ذلك يقدم حلولاً متعددة ويترك له حرية الاختيار. يقول يحيى ابراهيم: “ينبغي الانتباه الى أن المسرحيات في العراق لا يشاهدها سوى المثقفين وأكثرهم من المتخصصين في المسرح، فيما اختفى المشاهد العادي تماماً من قاعاتنا، بسبب الوضع الامني أساساً، ولأنه لم يعد يجد في ما يقدم من مسرحيات ما يستحق عناء الحضور. لقد تحول مسرحنا الى مسرح نخبة رغماً عنه، ولم تعد مسرحياتنا في كثير من الاحيان سوى لغو مثقفين. هذه الأزمة علينا أن نجد وسائل لتجاوزها. في هذه المسرحية، حاولت أن أستخدم اللهجة العامية لكسر حدة الإيقاع. علينا أن نتحدث عما يجري بلغة الشارع لا بلغة الكتب. ولا ضير في أن تأتي المسرحية الكلاسيكية بلهجة عامية”. ويشير يحيى ابراهيم الى أن الموت في المسرحية لا يعني نهاية المأساة، مثلما أن القتل هو في شكل ما هزيمة للقاتل ودليل على ضعفه. ويضيف متأسفاً “اما الحرب فهي أفظع ما ابتكره الانسان لتدمير ذاته ودليل على عدم تخلصه من اسر الماضي. ما يجري في العراق الآن انتحار بطيء ينتج من تعلق غير معقول برموز الماضي”.