بيار أبي صعب
تعرّفنا إلى إيمان الابراهيم، من خلال تجارب فوتوغرافيّة تجمع بين الذاتية المفرطة والجرأة المفاجئة. صورها الأوتو ــ بورتريه التي اكتشفناها قبل عام بفضل الشاعر ياسين عدنان، تنضح بحسية مترفة وممسرحة. بدت لنا غير متكلّفة في مجاهرتها بالعصيان، وفي نزعتها الى التجريب. وتلك المقاربة الذاتية ــ الإباحيّة، نقع عليها في كتاباتها الشعريّة. فإيمان شاعرة أساساً. مجموعتها “وحيدة قرن” (“دار البيان للنشر” ــ بنغازي) وصلتنا في يوم صعب، كاد الهياج المفتعل يطيح هيبة الحداد، قلنا نشيح بنظرنا عن مسرح الكاراكوز في “ساحة الحريّة”، نلجأ الى كلمات الشاعرة السوريّة طلباً للعزاء. “لا تشنقوا إثمي/ دعوه يكبر في جسدي/ ليرافقني في نهاراتي القائظة/ أو ليقتلني”. دفعة واحدة نجد أنفسنا في مكان ما بين قصيدة الـ «هايكو» وشعر الحلاج.
ليست الايروسية هنا، موضوعاً مقحماً على القصيدة. “حين أتعرّى/ أشعل ليلاً دامساً/ عارية/ أقف أمام المرآة/ مع كلّ نظرة/ أتفاجأ بورد ينبت على جسدي”. إنّها لحظة تقطفها الشاعرة من دون تصنّع، مشهداً مكثفاً وحميماً صُمّم على مقاس القصيدة. نمرودة ومستفِزّة، إيمان الابراهيم. دائماً أمام موعد مجهض مع السعادة. تقف على حبل العاشق، بين وحشة القبر وندوب الطفولة. وهج الحب وتراتيل الموت، سجادة صلاة أمها وصليب اللغة... وتلك الوحدة التي تحاصرها. رائحة موتها المبكر، عبق الغياب:“أدلق زجاجة عطري كلّها/ على فراش مرتّب/ في هبوب رياح مغوية/ أتساحق مع الفراش/ إلى أن يمتصّني عطره/ كل الرجال الذين عرفتهم/ ما تركوا لي شيئاً... سواي”.
إنها المتلصصة عند حافة القصيدة: “أراقبه من ثقب الباب/ أرى عيناً/ تراقبني من ثقب الباب”. ونحن ماذا نفعل؟