محمد خير
في الليلة التي سبقت اغتيال وزير الصناعة اللبناني بيار الجميل، كانت الفضائية المصرية تستضيف وزير الإعلام غازي العريضي في برنامج «البيت بيتك». كانت الحلقة عنواناً لسوء الفهم. ففيما أخذ مقدما البرنامج يكيلان المديح لقناة «المنار»، كان العريضي متحفّظاً في ما يخص حزب الله ، مهاجماً الرئيس لحود.وهو ما لم يكن المذيعان يتوقعانه، ربما لضعف معلوماتهما عن خلفية ضيفهما وفريقه السياسي. في اليوم التالي، تصدّر خبر الاغتيال النشرات الإخبارية للتلفزيون المصري، وقد بدا ضعف التحليل الإخباري واضحاً (ربما الرغبة في عدم التورط أيضاً).
مارس التلفزيون المصري حياداً كاملاً. هذا الحياد الذي كان نقيصة إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان، بدا فضيلة إثر اغتيال بيار الجميل، في ظل وضع يزداد احتقاناً كل يوم. ينسحب ذلك على الفضائيات الخاصة مثل «دريم» وقنوات «أوربت» التي اعتادت برامجها أن تناقش الموضوعات المحلية بجرأة. لكن في ما يخص الشؤون الخارجية، لا تنحرف كثيراً عن الخط الحكومي. وقد ألقى غموض الاغتيال بظلاله على الجميع. لم يلجأ أحد الى استنتاجات خاصة.
ينطبق ذلك أيضاً على الصحف الرسمية: «الأهرام» وضعت خبر الاغتيال على صفحتها الأولى، في أسفل الموضوع الرئيسي عن أزمة وزير الثقافة مع البرلمان والحجاب. أما تفاصيل الخبر فمستقاة كلها من وكالات الأنباء.
في اليوم التالي، كانت الزاوية غير الممهورة بتوقيع «رأي الأهرام» تتساءل «إلى أين يتجه لبنان؟». وحذّر المقال من الفتنة والحرب الأهلية، وهو تحذير في مجمله لا يختلف عن تصريحات الرئيس مبارك. وأبرزت «أخبار اليوم» إدانة الحكومة المصرية للاغتيال ودعوتها إلى «تقديم مرتكبي الجريمة إلى العدالة بأسرع وقت ممكن».
الصحيفة المستقلة «المصري اليوم» اكتفت بخبر صغير في اليوم الأول من حادثة الاغتيال. بعد ذلك، اعتمدت مثل سابقتها على وكالات الأنباء في تغطيتها لتفاعلات الحادثة. أما صحيفة «الوفد» الحزبية، فقد راقب محررها أثر الخـــــــبـــر في أعضاء الوفد اللبـــــــــناني المــــــــــشارك في مهرجان القاهرة للإذاعة والتـــــــــــلفزيون. ولاحظ محررها أن «الحزن خيّم في أروقة المهرجان، وبدت الصــــــــدمة واضحة على أعضاء الوفـــــــــد اللبناني». كما التقى المحرر رئيس الوفد السوري المشارك في المهرجان طالب ماضي الذي رأى أن «الشائعات التي تطلق على سوريا هي مكائد لا نعلم لماذا تطاردنا نحن دون سوانا»! أما الفضائية المصرية فنقلت أمس مراسم التشييع فقط.
بصفة عامة، يبدو الإعلام المصري غارقاً في الأزمات الداخلية التي لا تتوقف. ولأن الاغتيال لم يمس اسماً معروفاً لدى المصريين، فإن الإعلام رفع رأسه قليلاً ثم عاد للغوص في ذاته.