جنيف ــ بسام القنطار
في بالفيو السويسرية القريبة من الحدود الفرنسية والتي تبعد حوالى ربع ساعة عن مدينة جنيف، يقبع قصر فالافران الذي بدأت شهرته في الآونة الأخيرة تتزايد.
يعود بناء القصر إلى عام 1903. ويتألف من ثلاث طبقات وسط غابة أشجار كثيفة وأمام سهل واسع دائم الاخضرار.
عمل سيباستيان زيغلر ومجموعة من زملائه في جمعية مانديت الدولية للحصول على إذن باستخدام القصر الذي كان يعاني من الإهمال بعدما أهملته السلطات المحلية، إذ إنه يُعَدُّ منذ ستينيات القرن الماضي من الأملاك العامة التابعة لولاية جنيف.
تحول القصر إلى مركز استقبال للقادمين إلى جنيف من ممثلي الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في دول العالم الثالث، والذين يزيد عددهم على 70 ألف ناشط يهتمون بقضايا التنمية والصحة وحقوق الإنسان واللاجئين وغيرها.
ومن المعلوم أن تكلفة الإقامة في إحدى الفنادق السويسرية العادية لا يقل عن 200 دولار أميركي، وهو الأمر الذي جعل من جنيف مدينة “عصية” على الناشطين الفقراء الذين لا يملكون تكلفة الإقامة في هذه المدينة والمشاركة في المؤتمرات والاجتماعات والدورات التدريبية التي تستضيفها.
“ما قيمة الديموقراطية والحرية والعدالة إذا لم تكن متوافرة للجميع؟ وكيف تتعرف الأمم المتحدة إلى حقيقة الظروف التي يعيشها سكان الدول النامية ما دام ممثلو هذه الشعوب غير قادرين على المجيء إلى هنا والتعبير عن رأيهم؟”، يتساءل زيغلر وهو يتابع مع زملائه قضايا لوجستية مرتبطة بالقصر الذي تبلغ تكلفة الإقامة فيه ليلة واحدة 22 فرنكاً سويسرياً، أي ما يعادل 20 دولاراً أميركياً للزائرين من الدول النامية، لكن السعر يتدنى ليبلغ 16 فرنكاً إذا كان الزائر من الدول الفقيرة جداً، ويرتفع ليبلغ 28 فرنكاً لأبناء الدول الصناعية. ويقدم مانديت خدمة الإنترنت مجاناً على مدار 24 ساعة، في حين تبلغ التكلفة في مقاهي الإنترنت بين 7 إلى 10 دولارات للساعة الواحدة، إضافة إلى مكتبة تضم 10 آلاف مرجع وقاعة اجتماعات مع كل التسهيلات.
ويؤكد زيغلر “أن مانديت تعمل على إرساء شراكة مستديمة مع الجمعيات والمنظمات غير الحكومية حول العالم التي تشاطرها الرؤية، جاهدة مع شركائها على المستويين السويسري والدولي لتبادل الخبرات والتجارب، ولتقديم الدعم وبناء القدرات، وتفعيل آليات الضغط والتأثير داخل أروقة الأمم المتحدة”. ويضيف: “عملت مانديت على تعزيز المعرفة عبر إطلاق العديد من المواقع الإلكترونية التفاعلية، منها موقع www.whatconvention.org الذي يشمل قاعدة بيانات لكل الاتفاقات الدولية وطرق الاستفادة منها عبر محرك بحث فعال.
في دفتر الزوار الذي وضع قرب المدفأة في صالة الاستقبال تعليقات الشكر والثناء على الخدمة بجميع لغات العالم بما فيها لغة الهنود الحمر الذين يفضلون تسمية السكان الأصليين للولايات المتحدة الأميركية.
وفي المساء حين تقدم وجبة طعام كاملة بقيمة 5 دولارات، أي ما يوازي كلفة شراء زجاجة ماء صغيرة، يجلس الكاميروني إلى جانب الأفغاني والكمبودي والياباني يتناقشون حول قضايا اللاجئين والأقليات والعدالة. “أنت من لبنان؟ (يسأل أحدهم) آه... لقد دوّختم العالم يا صديقي... أعطونا قسطاً من الراحة”.