عساف أبو رحال
كل حمار يعرف صاحبه، وكل مزارع يعرف حماره، إما من خلال علامات فارقة، أو نتيجة تربية معينة. إنها قاعدة وواقع أمر متعارف عليه في القرى والبلدات الجبلية، لكن حمار أبي عبد الله في العرقوب خالف القاعدة هذه المرة ولم يلتزم الأصول، ربما لأن صاحبه تخلى عنه خلال فترة الحرب فتركه يتنقّل كيفما يشاء وفي كل الاتجاهات، فلا خط أزرق يُمنع تجاوزه، ولا خط أحمر يحدّ من نشاطه وتنقلاته. وإن العجوز العائد الى قريته بعد الحرب لم يستطع التعرّف بحماره بعد بحث طويل، ثم يجد مجموعة تضم نحو 30 حماراً شردتهم الحرب اجتمعوا وسط السهل على مقربة من مجرى الحاصباني.
وقع أبو عبد الله في حيرة من أمره أمام هذا المشهد، للتشابه الكبير بين هذه المجموعة، وخصوصاً من حيث اللون، وقرر سوق المجموعة كاملة الى قريته وربطها أمام الدار على أن يبادر كل مزارع الى أخذ حماره وبالتالي يكون الحمار المتبقي لأبي عبد الله، وما إن وصلت المجموعة الى أمام الدار بادر أحدها منفرداً إلى دخول الزريبة ملتفتاً يميناً ويساراً مستطلعاً مكان إقامته السابقة، فابتسم أبو عبد الله وقال له “هذا أنت أخيراً”.