رنا حايكعادت «بكيزة»... بالعباءة الصعيدية والحجاب هذه المرة. استدرجتها كاميرا المخرج خيري بشارة إلى بلاتو «قلب حبيبة» لتنهي اعتزالاً دام 10 سنوات.
تنقّلت سهير البابلي بين السينما والمسرح والتلفزيون لتتخذ في النهاية قرار الاعتزال بعد ارتدائها الحجاب. وها هي اليوم تعود إلى الساحة الفنية متسلحة بوصية الشيخ متولي الشعراوي الذي نصحها قبل رحيله بالعودة إلى التمثيل لأن «كلمتها مسموعة وتأثيرها كبير في المشاهدين».
و«حبيبة» هي أم لشابين، أحدهما الممثل فتحي عبد الوهاب ويجسّد نموذجاً سيئاً من مرحلة الانفتاح التي عاشتها مصر أيام السادات، والثاني هو آسر ياسين، الناشط السياسي الذي يؤمن بمبادئ الثورة الاشتراكية.
تحاول الأم احتواء الخلاف الذي يحتدم بين ولديها في ما يتعلق بكيفية إدارة أموال العائلة. وفي حين يستفيد فتحي عبد الوهاب من عصر الانفتاح لمضاعفة تركة والده الراحل معتمداً على أساليب غير مشروعة، يتمسّك أخوه بمثله العليا وتضعه ثوريته دائماً في مواجهة أخيه الطماع والمزواج.
لم يكن من المستغرب تحمّس المخرج خيري بشارة لإخراج قصة علي عبد القوي الغلبان، فهي تتداخل في الكثير من جوانبها مع تجربة المخرج الذاتية. تخرّج بشارة من معهد السينما تزامناً مع نكسة 1967. وقرر مواجهة انهيار الأحلام على طريقته، فالتفت نحو التفاصيل الصغيرة وهموم المجتمع والناس المهمشين. وأسهم وزملاءه من جيل الثمانينيات في ولادة السينما الواقعية التي بحثت عن جوانب لم تعد تهم عصر الانفتاح الساداتي في مصر.
في مسلسليه السابقين، «مسألة مبدأ» و«ملح الأرض»، تحدث بشارة عن الفقراء، فيما كانت توجهات السوق تفرض على زملائه الاهتمام بمشاكل الطبقة المخملية المصرية. وفي «قلب حبيبة» الذي يعرض عند الخامسة مساء على شاشة “دريم” المصرية، ينكأ بشارة جرحه الخاص عندما يتناول موضوع ثقافة الانفتاح، وما استتبعته من تغيرات في البنية الاجتماعية وفي منظومة القيم التي ترعاها.
يقدّم المسلسل توليفة متجانسة من ممثلين معظمهم قادمون من المسرح. سهير البابلي أسرت الجمهور بأدائها في «ريا وسكينة»، بينما يتابع فتحي عبد الوهاب نشاطه المسرحي ــ آخره كان تأدية دور هاملت في المسرح القومي ــ على رغم النجومية التي حققها في السينما والتلفزيون في السنوات الأخيرة. وتظهر الخلفية المسرحية جلية في أداء الممثلين المرح، حتى إن سهير البابلي كانت تمازح فتحي من وقت الى آخر خلال التصوير قائلة: «ما تعمليش فيها هاملت!».
أداء البابلي حكمه التفاوت بين شخصيتها القديمة المرحة والجريئة والجديدة الملتزمة. والمسرح لم يغب عن أدائها تماماً: كانت كلما استسلمت له وزادت جرعة الدراما في أدائها، عادت وتذكرت وقار الشخصية الجديدة فالتزمتها.
تخلل التصوير بعض المشادات، فقد رفضت البابلي مشاهد العناق ولو كانت مع ممثل في سن ابنها. وطلبت تعديل السيناريو مرات عدة ليصبح مناسباً لها، وكانت التسوية حاضرة دائماً لإنقاذ الموقف.
في الكواليس أيضاً، نازعت البابلي شبحي ماضيها وحاضرها. وعلى رغم استيائها من قراءة بعض الممثلين لكتب غير القرآن خلال ساعات التصوير الطويلة، كان أسلوبها في إبداء التذمر محبباً.
هذا التشدد قابله تشدد من نوع آخر ، قامت به المؤسسة الرسمية في حق سهير البابلي وزميلاتها من المعتزلات العائدات بعد ارتدائهن الحجاب (سهير رمزي وحنان ترك وعبير صبري..). إذ استبعدت اللجنة العليا للمشاهدة في التلفزيون المصري مسلسلاتهن من خريطة العرض خلال رمضان، ما أثار استياءهن.