مهى زراقط
لم يستغرب أحد أن يكون الشاعر اللبناني غسان مطر هو الموقّع على أغنية جوليا الجديدة “أحبائي”. فمن رآه جالساً إلى جانبها في المؤتمر الصحافي الذي أعلنت فيه عن الأغنية، تعزّزت لديه صورة هذا الشاعر الذي يغيب طويلاً عن جمهوره، لكنّه سرعان ما “يعود” في الأزمات.
أغنية “أحبائي” ليست الاطلالة الوحيدة للأمين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين والنائب السابق غسان مطر. إذ إنّه يوقّع اليوم، في نقابة الصحافة اللبنانية، مجموعته الشعرية الجديدة “لمجدكِ هذا الليل” (“دار الفرات”) التي كتبها خلال العدوان الأخير على لبنان.
لا شك في أنّ الإطلالتين تنسجمان مع مسيرة هذا الشاعر الذي لا يغيب قلمه في اللحظات الصعبة، والمنعطفات الحاسمة. إذ تجده في خضمّ الأحداث يكتب نصوصاً وقصائد للمقاومين في لبنان وفلسطين والعراق، محافظاً على صفته شاعراً ملتزماً قضية الأرض والإنسان، من دون أن يتناقض ذلك مع العمل السياسي الذي مارسه مناضلاً في الحزب السوري القومي الاجتماعي، ونائباً في البرلمان اللبناني.
“قد لا يكون هناك تناقض بين الإبداع والقضية” كما يقول، لكنّ هناك تأثيرات بالطبع، منها أن غسان مطر توقف منذ عام 1973(تاريخ ديوانه الرابع “لأنكِ تحبين هذا الشعر”) عن كتابة الغزل. وفي حين يؤكد حبه لهذا الديوان الذي “يشكّل مرحلة من حياتي”، يوضح أن المرحلة اللاحقة لم تعد صالحة لكتابة الغزل “الظروف لم تعد تسمح لنا بأن نكتب الغزل. هناك أولويات ضاغطة على الوجدان والقلب والضمير”.
دفعت هذه الأولويات مطر إلى الانقطاع عن كتابة الشعر أكثر من 15 عاماً، لم تقطعها إلا قصيدة “كزهرة المستحيل” التي كتبها لدى استشهاد سناء محيدلي. ولم يعد مطر إلى قلمه إلا عند استشهاد ابنته الوحيدة لارا خلال الحرب. فكتب عام 1991 “عزف على قبر لارا” ثم أتبعه بـ “هوامش على دم القصيدة” و“نافذة لعصفور البكاء”. “الشعر لا يأتي بقرار ولا وقت له، هو يفرض نفسه على الشاعر”، يشرح مطر. لكن ماذا عن إمكان كتابة أغنية من وحي نص نثري كما هي الحال مع “أحبائي”؟ لا يخفي مطر صعوبة تحويل نص نثري إلى نص شعري: “لا شك في أنه أمر يحتاج إلى مهنية عالية، لكن حساسية الرسالة التي وجّهها السيد حسن نصر الله إلى المقاومة وتأثري بها ساعداني كثيراً”. ويعود الشاعر اللبناني الى ظروف ولادة الأغنية: “كانت رسالة نصر الله جميلة بل رائعة. هزّت مشاعرنا جميعاً. وأخبرتني جوليا بأنها بكت عندما سمعتها، وسألتني عن إمكان تحويلها إلى نص مغنّى. وهكذا كان”. لمطر تجربة سابقة في كتابة الشعر المغنّى: “في عام 1974 كتبت أوبريت لجورجينا رزق، لكنها لم تقدمها بسبب الظروف آنذاك. ولديّ بعض النصوص الشعرية المغناة، منها “سرقني الزمان... سرقني المدى” التي لحنها زياد الرحباني”.
ولدى سؤاله عن اتحاد الكتاب اللبنانيين، يقول مطر إنّه يحمّله “شجوناً كبيرة”، لأن هذه المؤسسة “في حاجة إلى إعادة نظر كاملة بتركيبتها ووظيفتها. أقول منذ الآن إنني إذا لم أتمكن من إعادة تركيب هذا الاتحاد برؤية فاعلة ودينامية، فلن أكمل في موقعي. لا يجوز أن يبقى الاتحاد هشاً كما هو عليه الآن لأنه يضم كفاءات كبيرة”.