خالد صاغيّة
فعلاً... «نيّال» الإنسانيّة.
فالأسبوع المقبل، سيحتفل هواة الإنسانيّة بافتتاح مركز جديد لحقوق الإنسان. المفاجأة السارّة أنّ المركز لن يُعنى حصراً بهذه الحقوق، إنّما أيضاً بـ«القانون الإنساني الدولي»، أي أنّه سيجمع المجد من أطرافه. واحتفاءً بذلك، تقرّرت تسميته: «مركز حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي». أمّا المقرّ فسيكون داخل المجلس النيابي اللبناني، وبرعاية من رئيسه شخصيّاً، لما عُرف عنه من إنسانيّة.
والواقع أنّه من النادر أن يمرّ يوم من دون أن نسمع عن تقرير لجمعيّة تعنى بحقوق الإنسان، أو عن افتتاح مركز لحقوق الإنسان، أو عن عقد ندوة عن حقوق الإنسان، أو عن صدور دعوة إلى احترام حقوق الإنسان. حقوق إنسان «رايحة»... حقوق إنسان «جايي». وغالباً ما ترفق هذه النشاطات برعاية من منظّمات دوليّة «عليها القدر والقيمة»، ناهيك عن حماسة المبادرات المحليّة. وكلّها مهتمّة، والحمد للّه، بحقوقنا، وبخير الإنسانيّة جمعاء. فعلاً... «نيّال» الإنسانيّة.
لكن، إن دقّقنا في الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، وأحصينا موادّه، مادّة مادّة، لوجدنا أنّ عددها «كلّها على بعضها» لا يتجاوز الثلاثين. فهل تستدعي كلّ هذه «العجقة»؟ يجب أن نعترف بأنّ الإنسان، للأسف، موجود بوفرة. لكن يبقى التساؤل من أين يأتون له بكلّ هذه الحقوق؟ نحن فعلاً ممتنّون، ولا نريد أن نبدو ناكرين للجميل. لكن، انهمرت حقوقنا علينا فجأة، وسبّبت ما يشبه أزمة سير خانقة. خانقة من فعل «الخنق»... الخنق الذي يميت حقّاً.