بيار أبي صعب
لم يتعب هارولد بينتر من البصق بوجه حكامه، ومن تسديد إصبع الاتهام إلى السياسة “الإمبريالية” للحكومات الغربية. إلفريد يلينك أمضت حياتها تعرّي المجتمع النمسوي البطريركي، المحافظ والمريض. ساراماغو ما زال يحارب العولمة، مستعيداً مَثل الإبادة العنصرية للشعوب الأصلية في القارة الأميركية. داريو فو كان ولا يزال نصير اليسار المتطرف في إيطاليا. مثّل مع فرانكا رامي أمام السجون وفي المصانع، وهزئ في “ميستيرو بوفو” بالكنيسة، وعرّى التواطؤ بين قوى التسلّط والاستبداد. كل هؤلاء فازوا بجائزة نوبل للآداب، ومثلهم توني موريسون وشوينكا ونادين غورديمير وماركيز وهنريش بُل وبابلو نيرودا...
الخيار الراديكالي، والموقف النقدي من السلطة والتحركات المناهضة لكل أشكال الطغيان، كلّها علامات فارقة قد تكون من السمات الملازمة لكتاب نوبل في العالم أجمع... باستثناء ديار العرب! الكتّاب العرب الذين يرنون إلى نوبل، يعرفون أنها، إذا كانت من نصيب أحدهم مجدداً ذات يوم، فستأتيه من باب السياسة التي تحددها مصالح الغرب وحساباته الاستراتيجية في المنطقة.
الشاعر الكبير الذي أطل خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على فضائية خليجيّة، لم يستطع أن يحدد أي موقف واضح مما يجري. كأننا به كان يريد أن يحيّي المقاومين... لكن كيف يفعل؟ يستحسن بالمرشحين العرب لنوبل أن يصونوا ألسنتهم، ويراقبوا تحركاتهم وتصريحاتهم ومبادراتهم. ولا بأس من مغازلة “قوى الخير” حين تدعو الحاجة أو تسنح الفرصة.
ماذا تريدون؟ لا يمكن لصاحب نوبل أن يكون متمرداً و... عربياً في آن واحد!