رويدا مروّهيطرح برنامج «سجال» هذا المساء على قناة «ان. بي.ان» مشاكل الدراما اللبنانية وغيابها عن المشهد
الفضائي العربي. ما هي الأسباب التي جعلت المسلسلات المحلية عملة نادرة خلال الموسم الرمضاني وخارجه؟


تقتصر غالباً إطلالات الممثلين اللبنانيين، خلال شهر رمضان، على المشاركات الحوارية وبعض البرامج الفكاهية التي تعرض على “إل بي سي” و“المستقبل” و“نيو تي في”. لكن أين هؤلاء من الدراما والمسلسلات التي كادت تختفي عن الشاشة؟ لا شكّ في أن أحد أبرز أسباب انحدار مستوى الدراما هو ضآلة الميزانيات واستسهال الإنتاج، ما أساء للنوعية وانعكس سلباً على إمكان تسويقها. وفي وقت كانت الأعمال المحلية تحتل قبل سنوات مرتبة الريادة في الخارج، باتت شركات الإنتاج اللبنانية اليوم تنشط فقط في برامج الرقص والفيديو كليب والأغاني. وهذا النوع من البرامج احتل الحيز الأكبر من اهتمام المحطات، وأثر سلباً في الدراما، وخصوصاً أنها (أي المحطات) باتت تخضع لشروط المعلن.
وإضافة إلى مشكلة الإنتاج، تعاني الدراما اللبنانية من غياب دور فاعل لوزارة الإعلام. فقانون المرئي والمسموع يجبر المحطات المحلية على عرض ساعات محددة من الإنتاج المحلي، لكن هذه القنوات تستعيض عن الدراما بالبرامج الترفيهية التي تجذب المعلنين والمشاهدين. وها هو عدد ساعات بث الدراما ينحصر في كل تلفزيون بـ57 ساعة فقط في السنة. ويتّهم صنّاع الدراما وزارة الإعلام بالتقصير في تصدير الأعمال اللبنانية وعدم التعاون الجدي مع وزارات الإعلام في البلدان المجاورة. إذ يستقبل لبنان المسلسلات من مصر وسوريا والخليج، لكنه لا يصدر من أعماله إلا القليل. أضف إلى ذلك تهميش التلفزيون الرسمي الذي يؤدي غالباً دوراً رئيساً في تنشيط عجلة صناعة الدراما. كما أن حمّى المسلسلات المدبلجة التي انتشرت في السنوات الأخيرة أدت إلى تراجع مكانة المسلسلات المحلية.
نظرة خاصة
في السنوات الأخيرة، سجّل بعض الكتّاب والمخرجين اللبنانيين محاولات جادة للنهوض بالدراما اللبنانية، وقدموا “مريانا” و“بنت الحي” و“طالبين القرب” و“الزاوية” و“ابنتي” و“الغريبة” و“بنات عماتي وبنتي وأنا”، و“حلم آذار”، و“ابنة المعلم” وغيرها... محاولات قد لا ترقى في معظمها إلى مستوى أعمال سوريا والخليج ومصر. لكنها حققت نسبة مشاهدة عالية عندما عرضت على القــــــــنوات الأرضية والفضائيات اللـــــــبنانية، وأثبـــــــتت أن المشهد الدرامي اللـــــبناني يمتلك طاقات جيدة على مستوى الكتابة والتمثيل والإخراج.
لكن صنّاع هذه المسلسلات يملكون وجهة نظر مختلفة. حينما يتحدث الكاتب شكري أنيس فاخوري عن أزمة الدراما، يتذكر فوراً النهضة التي حققها “تلفزيون لبنان” في مطلع التسعينيات مع عمليه “نساء في العاصفة” و“العاصفة تهب مرتين”. لكن هذه الأعمال لم تسوّق في الخارج، والسبب برأيه يعود الى المواضيع التي عولجت والتي تصنّف في خانة “المحاذير” بالنسبة الى الدول العربية. ويوضح: “المعالجة كانت جريئة والمجتمع اللبناني أكثر جرأة من المجتمعات العربية الأخرى”. ويعزو ضعف الدراما إلى الانتاج، “لدينا كتّاب مبدعون ومخرجون جيّدون. لكن ينقصنا المنتج الذي يؤمن بعمله ويسخى عليه”.
أما مروان نجار فيطرح المشكلة من منظار مختلف. ويقول ساخراً: “أي دراما نريد تقديمها للناس، ونحن لم ننته بعد من السيليكون المتراكم في “خطايا صغيرة”، وأخطاء الإخراج في “قصص نسوان” (مسلسلان محليان عرضا أخيراً على شاشة “إل بي سي”). ويتابع بصوت عال: “أخشى أن يؤدي تطفل بعض المعتدين على مجالي الإخراج والكتابة، في أن تتوقف “إل بي سي” مثلاً عن عرض الأعمال اللبنانية كما حصل مع تلفزيون المستقبل يوم أوقفت عرض “الباشاوات” الذي أثار جدلاً واسعاً بسبب بعض المشاهد الجريئة، وقللت بعدها من الإنتاج الدرامي المحلي”. ويتذكر نجار: “أيام الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، كنّا نصور تحت القصف، لأن “تلفزيون لبنان” كان مجبراً على تسليم الدول العربية 200 ساعة من الدراما اللبنانية في السنة... تنطلق المشكلة من المحطات اللبنانية التي ترفض أن تسلط الضوء على النجوم اللبنانيين خوفاً من أن يحققوا الشهرة، فتستفيد منهم محطات أخرى. عندنا، يسيطر مبدأ إلغاء الطرف الآخر على العمل الدرامي والإعلامي. لذا، علينا أن نسلّط الضوء على هذه النقطة ونرفع الصوت قبل أن نبدأ بالبحث عن حلول أخرى”.
مسؤولية شركات الإنتاج
في المقابل، يرفض محمد مسلماني، مدير الإنتاج في تلفزيون “المستقبل” تحميل محطات التلفزة مسؤولية ضعف الإنتاج اللبناني، “هي مسؤولية تقع على عاتق شركات الإنتاج. فهي تنتج العمل وتعرضه علينا، وإذا اقتنعنا به، نشتريه، وهذا ما يحصل مع المسلسلات المصرية والسورية. ويضيف: “نحن لن نجازف بشراء عمل ما زال في مرحلة التصوير”.
ولكن ماذا عن المسلسلات المحلية التي تعرضها «المستقبل»، في ضوء فشل تجربتي «حب أعمى» و»الباشاوات»، وعدم اقتناع المحطة بالدراما اللبنانية؟ يجيب مسلماني: «أعتقد أن هذه الأعمال لم تناسب سياسة المحطة ، لذا توقف العرض أرضياً وبقي فضائياً. لكننا نحاول دعم الدراما لا محاربتها». الدراما الخليجية كانت غائبة قبل سنوات قليلة، لكنها اليوم، وبمساعدة القطاع العام، عرفت كيف تحتل مساحة كبيرة من برامج الفضائيات. فهل تستعيد دراما لبنان عافيتها قريباً؟