الجزائر ــ أبو بكر زمال
لا أثر للرواية “الملعونة” في المكتبات الجزائرية... باستثناء مقال يتيم كتبه صحافي يُدعى محمد بغالي في صحيفة “الحدث” الواسعة الانتشار في الجزائر شتم فيه الرواية وصاحبها وأدى إلى اندلاع حرب بين الصحف الجزائرية الناطقة باللغة العربية. اتهم بغالي الروائي الجزائري أنور بن مالك المقيم في باريس بـ (التهجم على الإسلام والمسلمين والذات الإلهية) في روايته “آه ماريا” الصادرة حديثاً عن دار “فايار” الفرنسية (Fayard).
تقع أحداث الرواية في الأندلس في نهاية القرن الخامس عشر، بعد سقوط غرناطة. وتنقل مشاهد العنف الذي شهدته تلك المرحلة من مواجهات بين المسلمين والمسيحيين.
إلا أنّ الروائي الجزائري المولود في الدار البيضاء عام 1956، نفى اتهامات بغالي في إحدى المقابلات مضيفاً أنّ “الإهانات والشتائم التي تبادلها المؤمنون من الديانتين وردت على لسان شخصياته كجزء من بناء الرواية ولا تعبّر عن آرائه الشخصية” متسائلاً: “إذا كتبتُ قصة عن قاتل، فهل أصبح أنا قاتلاً أيضاً؟”.
إلا أن بغالي ذهب بعيداً في مقاله، واضعاً الروائي الجزائري في السلة نفسها مع سلمان رشدي ومستخدماً لغة وصفها الصحافي حمدان الجعدي في صحيفة “الأحداث”بالتحريضية التي “قد تدفع بأي متعصب إلى ارتكاب جناية حمقاء في حق الكاتب”، مضيفاً أنّ “صاحب المقال التكفيري الرهيب لم يكتف بتوجيه أصابع الإدانة للروائي الجزائري، بل وضع نفسه في مقام الحارس الحريص على دين الأمة ومعتقداتها”.
هذا الجدل الذي تدور رحاه في الساحة الجزائرية، لم يهم أي كاتب أو صحافي من التيار الفرنكفوني، إذ امتنعت هذه الفئة عن دخول خط المواجهة، وليس هذا غريباً، فهناك ما يشبه الصمت المخطط له من طرف هؤلاء: المسألة تتعلق بكاتب يكتب باللغة الفرنسية. والمعروف أن الصحافة الناطقة بالفرنسية في الجزائر لا يهمها أي نقاش تثيره الجهة الأخرى، ولم نشهد طوال السنوات الأخيرة أي حوار ثقافي مثمر ومصيري في قضايا الدولة بين الطرفين. كان هناك دوماً تجاهل وقطيعة وانقطاع متبادل بينهما.
وتردد أنّ راضية عابد ممثلة دار “سيديا” الجزائرية، التي كان يُفترض أن تعيد نشر الرواية بالتزامن مع صدورها في باريس، تراجعت عن قرارها بعدما هددتها جهات مسؤولة بإقصائها عن تظاهرة “الجزائر عاصمة الثقافة العربية” في حال نشر الرواية.
الموقف الوحيد الذي بدا واضحاً وسط هذه الجلبة، هو موقف وزارة الشؤون الدينية التي أعلنت أنها تتقصى القضية، فيما قال الناطق باسمها إنه “رغم أن الروائي نفى الاتهامات الموجهة ضده جملة وتفصيلاً، ذلك لا يمنع أن “آه ماريا” لن تكون في المعرض الدولي للكتاب المزمع انعقاده في أواخر الشهر الحالي”.
وبين الحملة المنظمة ضد الإسلام وعيون تترصد أي كلمة تقال عن الإسلام عفوياً أو بتعمد، وجد الروائي أنور بن مالك نفسه في عين ليست بالضرورة عين الإعصار، لكنها تنبئ بعودة قوية لمحاكم الإدانة والتكفير على حد تعبير الروائي أمين الزاوي.