بيار أبي صعب
هناك في كتابة ألكسندر نجار شيء يشبه نبرة التلميذ المجتهد الذي يريد أن يعجب والده. كأنك أمام مراهق متأخر صار كاتباً، لكنّه بقي تلميذاً نجيباً. وكتابه الأخير “صمت التينور” الذي ينتمي الى أدب السيرة الذاتية (PLON)، يؤكد ذلك الانطباع، بل يدفع به الى أقصى احتمالاته.
ألكسندر ذلك الكاتب الفرنكوفوني الأنيق والمهذب الذي ينتج بغزارة يُحسد عليها، والمحامي على خطى والده وجدّه، يبدو خارجاً للتوّ من روايته الأخيرة. نفهم أكثر هذا الصبي الذي تربّى على الكرباج والفرنكوفونية، وحب شارل ديغول واحترام الثالوث المقدس: العمل ـــ الوطن ـــ العائلة، بعيداً عن حياة السهر والطيش، وأي رغبة في التمرد. مرة رآه والده يلبس “تيشرتاً” عليها غيفارا، فأنزل عليه غضب السماء. ولعلها كانت آخر مرة يرتكب فيها ألكسندر معصية. بلى، لقد تمرّد مرّة على «تمثال» الأب: حين كتب عن إرنست بينار “وكيل الامبراطوريّة” الذي لاحق بودلير وفلوبير في فرنسا القرن 19، بسبب لا أخلاقية كتاباتهما!
إذا كان الأدب هو تعرية الذات، فإن رواية ألكسندر نجّار عمل أدبي بامتياز. ولعلّها شهادة أمينة على بيئة معيّنة وذهنية وطبقة اجتماعية وقيم من شأنها أن تنتج كاتباً مثل ألكسندر نجّار. لكن الأدب ليس للصالونات فقط، اسألوا جان جينيه، اسألوا بودلير. الأدب لغة ونزق وفوضى وابتكار. وكثير من السهر والطيش واللهو. “صمت التينور” عن علاقة ألكسندر نجار بوالده القاسي الذي يكن له ولهاً وإعجاباً وخشية. فهل يكفي المرء أن يكتب عن والده القاسي، كي يصبح شاتوبريان؟