رلى راشد
لم يكن أحد يتوقّع أن تفوز الهنديّة كيران ديساي بأرفع جائزة أدبية في بريطانيا هذا العام. فهذه الروائية (35 عاماً) خالفت كل التوقّعات، لتكون أصغر مؤلّفة تدخل مملكة بوكر، بفضل روايتها الثانية «إرث الفقدان». وفوزها بالجائزة التي تبلغ قيمتها 50 ألف جنيه استرليني، فتح أيضاً أمام «هايميش هاميلتون»، دار النشر الصغيرة التي احتضنتها، باب الشهرة.
نفت لجنة تحكيم «بوكر» تقديمها أي تنازل أدبي ـــ لاعتبارات ثقافية أو سياسيةـــ إذ فاجأت ديساي الجميع ببلوغها التصفيات مع منافسات بارزات مثل سارة واترز. ولم تبخل اللجنة بعبارات المديح في بيان الجائزة، إذ اعتبرت الرواية «عملاً رائعاً، يجمع البعد الانساني والحكمة، والحنان المرِح والعمق السياسي».
توجّه ديساي في روايتها نظرة مُتشكّكة الى ظاهرة «تعدد الثقافات» في الغرب، وهو تعدد يهجس بالمنطق الاستهلاكي. وفي «إرث الفقدان»، تسرد الكاتبة حيوات متشابكة بين قرية في المقلب الهندي لجبال الهيمالايا، وعالم المهاجرين غير الشرعيين في قاع نيويورك. تغوص ديساي في حقبة ما بعد الاستعمار، وتقارب بعمق مواضيع معاصرة، كالعولمة وتعدد الثقافات والنظام الاقتصادي القائم على انعدام المساواة، وصولاً الى الارهاب. وربما جاز تصنيف «إرث الفقدان» ضمن روايات 11 أيلول، رغم أن أحداثها تدور في ثمانينيات القرن الماضي.
وكانت باكورة ديساي الروائية «ضجيج في بستان الجوافة» (1998)، لاقت حفاوة نقدية، وضمّت مقتطفات منها الى Mirrorwork، أنطولوجيا سلمان رشدي التي رصدت 50 عاماً من الأدب الهندي، وأثارت جدلاً واسعاً بسبب خيارات صاحب «الآيات الشيطانية».
ويمكن القول إن ديساي أعادت الاعتبار إلى «شرف العائلة»، بفوزها، وعوّضت عن خيبات والدتها أنيتا التي وصلت 3 مرات منذ عام 1980، الى التصفيات الأخيرة لهذا التقدير الأدبي الرفيع، لكنها لم تنله يوماً.
وقد انتقلت ديساي الى بريطانيا في المراهقة... ثم الولايات المتحدة الاميركية، حيث تتابع حالياً دروساً في الكتابة الابداعية في جامعة كولومبيا. ورغم هذا الترحّل الدائم ، تعترف بأنها باتت تلتصق أكثر بجذورها، ربما كرد فعل على الأجواء السياسية السائدة في بلاد العم سام... وتشعر بأنها، في نواح كثيرة، باتت «أكثر هنديّة» على حدّ قولها.