علي يزبك
في محترفه الصغير قرب سرايا بعلبك الحكومية يمضي بهزاد شيرازي عشر ساعات يومياً في نحت الحجر وتحويله إلى أشكال فنية، وهي الهواية التي بدأ بممارستها منذ كان طفلاً في السادسة.
في واجهة المحترف مجسّمات حجرية لقلعة بعلبك ومعابدها، وقبّة المسجد الأقصى، والأهرام الفرعونية، ونماذج لعجائب الدنيا السبع، ورموز الحضارات الفارسية والبابلية وحتى اليونانية، وقد نحت هذه المجسّمات بتأنّ ودقّة فائقة، وترى فيها أدقّ التفاصيل.
ويتحدّث أبو أحمد (70 عاماً) بمرارة عن الظروف الصعبة التي يعيشها منذ نعومة أظفاره، فوالده قدم إلى لبنان من شيراز في إيران عام 1898 ولم يتمكن من الحصول على الجنسية اللبنانية إلا عام 1973، وهذا الأمر حرمه من أبسط الحقوق وهي التعليم. يقول: “كانت ظروف والدي صعبة وكنا نعيش في فقر مدقع، ونلت شهادة الخامس ابتدائي ثمّ انتقلت إلى سوق العمل في شتى الميادين حتى أستطيع تأمين القوت اليومي، وبعدها بدأت استحقاقات أخرى، منها الزواج والأولاد وغيرها، إلى أن وفّقني الله وفتحت هذا المحترف قبل بضع سنوات، لكنّ الحال بقيت كما هي، وبالرغم من كل هذا فأنا ماض في ممارسة هذه الحرفة حتى آخر لحظة من عمري”. وعن آلية العمل يقول “أبو أحمد” إنه يصوّر الأشكال في “ذهنه” ثم يبدأ بنحتها “ولا أبدأ بأي عمل آخر حتى أنجز المنحوته التي قد يستغرق بعضها أربعين يوماً كما في منحوتة قلعة بعلبك”. قليلون يشترون منحوتات بهزاد شيرازي التي تنافسها الاشكال المصنوعة من الجفصين لأنها أرخص ثمناً، لكن هذا الأمر لا يعنيه فهو يصرّ على نحت الحجر الطبيعي الذي يحضره من مقلع قديم في مدينة بعلبك, وهو اليوم حصل على كمية كبيرة من حجارة بعض المنازل القديمة التي تهدمت بفعل العدوان الاسرائيلي وسيحولها الى مجسمات ولوحات فنية. ويعرب إصراره على متابعة عمله رغم ندرة من يشتري اعماله. يقول: “أنا عليّ العمل وأما الرزق فهو على رب العباد” آملاً أن يقيم معرضاً لمنحوتاته في وزارة السياحة بعدما وعده أحد أصدقائه بمتابعة هذا الأمر مع الوزير، “ورغم أن الظروف الآن غير مؤاتية حسب ما أخبرني قبل أسبوع، فإنني سأناضل طوال حياتي لأقيم هذا المعرض حتى يستطيع الناس أن يروا أعمالي”.