عندما حمل بيو هولمكويست أول كاميرا فوتوغرافية، ورافق والده الى أحياء الفقراء وهو في العاشرة من عمره، لم يكن يعلم أنّه سيصبح أحد أشهر مخرجي الأفلام الوثائقية في العالم. عمل هولمكويست في تصوير الأزياء في صباه، لينتقل بعدها إلى تغطية حرب فيتنام بكاميرا فيديو.في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، جاء إلى غزة حيث بقي سنتين متنقلاً بين شمال القطاع وجنوبه، وأخرج فيلمه “غيتو غزة” (1984) الذي حقق شهرة عالمية كأول الأفلام الوثائقية الأوروبية عن القطاع ومشاكل سكانه في ظل الاحتلال. ثم قدم المخرج السويدي أفلاماً عدّة يجمع بينها هاجس توثيق معاناة الشعوب، وبالطبع قول الكلام المحظور. في فيلم «العودة الى آرارات» (1993) تناول مجزرة الأرمن، وكذلك فعل في فيلمه «أكره الكلاب» (2005) الذي يعتبر أشهر أفلامه. كان من المقرر عرضه في «مهرجان اسطنبول للأفلام الوثائقية»، لكن إدارة المهرجان سحبته في اللحظات الأخيرة من قائمة العروض.
وها هو بيو هولمكويست يعود إلى غزة، ليحقق فيلماً جديداً بعنوان “فرويد الصغير” يكتشف فيه مدينة أخرى، غير تلك التي كان يعرفها. يروي أنه عندما بدأ تصوير فيلم “غيتو غزة” عام 1982، وبالتحديد في مدرسة جباليا للبنات، كانت غالبية الفتيات غير محجّبات. ويضيف: “اختلفت الصورة الآن. ثمة توجّه كبير نحو التديّن، وأفهم ذلك. فالفلسطينيون تعرضوا لخيبات أمل متتالية، جراء تعلقهم بالشيوعية والاتحاد السوفييتي في السابق، ومن ثم أوروبا وأميركا، فتوجهوا نحو الإسلام السياسي”.
ويعتبر المخرج أن السينما الروائية الفلسطينية حققت حضوراً عالمياً أكبر من ذاك الذي حققته السينما الوثائقية، ويضيف أن الكثير من الأفلام الوثائقية الفلسطينية «لا تعدو كونها تقارير إخبارية مصورة». ربما كان عمله إذاً نوعاً من المساهمة في فتح آفاق السينما التسجيلية الفلسطينية على مزيد من الابتكار والابداع.
... يوسف