أمل الأندري
هل تكون جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي هذا العام من نصيب شريط إيراني؟ المؤكد حتّى الآن أن «كافيه ترانزيت» آخر أعمال المخرج الإيراني كامبوسيا برتوي، رشّح لهذه الجائزة المرموقة التي يتنافس عليها كلّ عام عدد من الأفلام غير الأميركية. وقد أثيرت العام الماضي ضجة كبيرة حولها، بعد سحب فيلم هاني أبو أسعد “الجنّة الآن” من قائمة الأفلام المرشحة للجائزة، بحجة أنه يمثل دولة غير موجودة (فلسطين!).
“كافيه ترانزيت” من طينة أفلام خاصة جداً، مثل “الليلة الكبرى” (1996) للمخرجين الأميركيين كامبل سكوت وستانلي توتشي، وفيلم “تامبوبو” (1985) للمخرج الياباني جوزو ايتامي اللذين جعلا من عنصر الطعام نقطة محورية في القصة. ويعدّ عمل كامبوسيا برتوي من أفضل الأفلام الإيرانية التي ظهرت في السنوات الأخيرة.
يتوغل “كافيه ترانزيت” في تقاليد المجتمع الإيراني المحافظ من خلال شخصية امرأة توفي زوجها حديثاً، فقررت مع ابنتيها إدارة المطعم الصغير الذي كان يملكه عند الحدود الشمالية لإيران. وتبدأ تلك المرأة في مواجهة التحديات، وتبدأ نضالاً مستميتاً لدفع عجلة حياتها الى الأمام بعد رحيل زوجها، مصطدمةً بالتقاليد تارة ومتخطّية حواجزها طوراً. هكذا، تضطر الأرملة ريحان نضال (تؤدي شخصيتها زوجة المخرج فرشتي صدر أورفائي) الى صدّ محاولات شقيق زوجها الراحل، الذي يريد أن يقترن بها على زوجته ـ وفقاً لما تقتضيه التقاليد ـ وتواجه التسلط الذكوري وتنغمس في العمل للحصول على استقلاليتها.
لا شك في أن هذا الموضوع تناولته السينما المعاصرة بوفرة، مثل فيلم « فولفر» للاسباني بيدرو المودوفار، حيث المرأة تأخذ بزمام أمورها بعد رحيل رجلها، يساعدها أولادها أو نساء أخريات. لكن نضال الأرملة يزداد صعوبةً في بلد مثل إيران. يرسم كامبوسيا برتوي شخصية امرأة قوية وحازمة، تدافع بشراسة عن القيم التي تراها عادلة، ولا تحيد عن الأهداف التي وضعتها نصب عينيها.
لكن «كافيه ترانزيت» لا يقع في الاستسهال، ولا ينبغي أن نتوقع له نهاية سعيدة، أو أن نتخيّل أننا أمام قصة حبّ تتوّج بالزواج في النهاية... إنه فيلم يركّز على بناء شخصياته وتركيبتها، كما يتوغّل في ثقافة محددة المعالم لينزع عنها كليشيهاتها. ويرتكز جزء كبير من الفيلم على لغة الجسد. ولعل لحظات مثل مشهد رقصة «سيرتاكي» اليونانية يختصر حيوية الفيلم وقوته، في ظل حوار قائم على البساطة والتأمل.
برز كامبوسيا برتوي خارج بلاده من خلال أعمال تجمع القوّة والبساطة. ونال جوائز في مهرجانات سينمائية عالمية، واشتهر بوضعه سيناريو فيلم «الدائرة» لجعفر بناهي الحائز جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عام 2000. وحاز فيلم “كافيه ترانزيت” جائزتي أفضل سيناريو وأفضل ممثلة في مهرجان فجر الدولي للأفلام.
ومن بين الأعمال الأخرى المتداولة في بورصة الترشيحات لأوسكار أفضل فيلم أجنبي، «عمارة يعقوبيان» للمصري مروان حامد و«فولفر» للاسباني بيدرو ألمودوفار... وستمنح أكاديمية الأوسكار، في 23 كانون الثاني (يناير) المقبل، جائزتها لأحد الأفلام الخمسة على قائمة التصفيات النهائية. فما هي حظوظ فيلم إيراني في نيل أوسكار «أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية» في الدورة التاسعة والسبعين لما يمكن اعتباره أشهر الجوائز في تاريخ الفن السابع.