ليال حداد
كـــثيرون انــــتــــظروا أن تهدأ أمطار “أول شتوة” يوم الأحد الماضي ليقوموا بعادة عرفت في بعض القرى اللبنانية. فما إن توقف المطر لساعات حتى امتلأت بعض الأحراج والحدائق ــ وخاصة الجبلية منها ــ بصيّادي البزاق الذين ينتظرون الشتاء لـ“تحويش” ما أمكن من البزاق لسلقها وتناولها في أطباق تعد مع صلصات مختلفة.
ويشرح فوزي الأسمر من منطقة بعبدات في المتن الشمالي: “تعوّدت البحث عن البزاق منذ ان كان عمري خمس سنوات وكنت أذهب في رحلات اصطيادها مع والدي الراحل، كنا نقصد الأحراج الكثيرة حول قريتنا، كان عدد المباني السكنية ضئيلاً، الآن تغيرت الاحوال، فقد تقلصت المساحات الخضراء وزحف الباطون وتضاءلت بالتالي أعداد البزاق، لذلك أقصد أحياناً أماكن معزولة في القرية للحصول على كمية أوفر”.
يروي الـــــياس زاخــم الذي لم يتجاوز العـــــشرين من عمره، ويــــــتحدث بحيوية كبيرة عن المتعة التي تـرافق عملية البحث عن البزاق: “ان رائحة الأرض بعد الأمطار الأولى تجذبني في شكل لاإرادي الى الحديقة”، ويضيف: “كنت أذهب مع جدتي أيـــــام الطفولة إلى الأحراج لجمع البزاق، والآن بعد وفـــــــاتها بتّ آتي الى هنا لوحدي إذ لا أحد من أصدقائي يستهويه الأمر”، ويقول ساخراً: “حبّ الأرض ومنتجاتها لم يعد من متطلبات العصر الحديث ولا على الموضة”.
أما طريقة تحضير البزاق وأكلها فتشرحها السيدة أليس ماضي من منطقة بيت مري بحماسة كبيرة: “بعد ان نجمعها نصوّمها ثماني وأربعين ساعة بغية تنظيفها ومن ثم نغليها على ثلاث مراحل الى ان تستوي، والمرحلة الأخيرة هي أكلها مع الطراطور”، تقول ممازحة.