ياسين عدنان
وأخيراً صار للغة العربية جائزتها الخاصة في الترجمة... والذين خاب ظنهم لأن نوبل حلّقت بعيداً عن خيمة الأدب العربي، يجب أن يعرفوا أن الاهتمام بترجمة أدبنا إلى اللغات المؤثرة، يشكّل إحدى أهم الخطوات في الطريق إلى الأكاديمية السويدية. من هنا أهمية الجائزة التي أطلقتها مجلة «بانيبال» المتخصصة في تقديم الأدب العربي بمختلف تياراته لقراء الإنكليزية. و»جائزة بانيبال للترجمة» تكافئ هذا العام المترجم البريطاني المقيم في القاهرة همفري ديفيز، على الجهد الذي بذله في نقل رواية إلياس خوري «باب الشمس» إلى لغة شكسبير.
في التاسع من الشهر الجاري اجتمعت نخبة من أدباء العالم وكبار المترجمين في المركز البريطاني للترجمة الأدبية في جامعة إيست أنغليا (لندن). في الواقع، لم تكن بانيبال الجائزة الوحيدة، إذ أُعلن عن جوائز أخرى، منها جائزة «سكوت مونكريف» للترجمة من الفرنسية، جائزة «شيغيل تيك» من الألمانية... هكذا، تكون «بانيبال» التحقت بكل هذه الجوائز، وصارت عضواً في نادي الترجمة الأدبية البريطاني.
ترأس لجنة تحكيم بانيبال في دورتها الأولى لسنة 2006 الشاعر سعدي يوسف، وضمت في عضويتها كلاً من المترجم الأميركي المعروف روجر ألان، والكاتب البريطاني موريس فارحي، والصحافية الأدبية مايا جاغي التي أعلنت باسم اللجنة فوز ترجمة ديفيز لـ «باب الشمس» وهي الترجمة التي صدرت عن دار Harvill Secker في بريطانيا ودار Archipelago Press الأميركية.
ودعا بيتر كلارك، الرئيس الفخري لـ “مؤسسة بانيبال لدعم الترجمة”، إلى تشجيع المترجمين الجيدين، مضيفاً: ”مذ مُنح الراحل نجيب محفوظ جائزة نوبل عام 1988، اكتشف قرّاء الإنكليزية أن هناك أدباً معاصراً في اللغة العربية يستحق الاهتمام».
بدأ اهتمام همفري ديفيز بالثقافة العربية، عندما كان في جامعة كامبردج التي تخرج منها متفوقاً على دفعته في قسم اللغة العربية. بدأ رحلته في اتجاه الشرق، حيث سيقضي 36 سنة متنقلاً بين فلسطين والسودان وتونس، وأخيراً مصر التي اختارها مكاناً لإقامته. هوسه بالأدب جعله يخوض شراكة خصبة مع الجامعة الأميركية في القاهرة التي أوكلت مهمة ترجمة بعض الأعمال الأدبية المهمة. هكذا ترجم «كفاح طيبة» لنجيب محفوظ (2003) و «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني (2004). أما آخر أعماله فهو رواية «أن تكون عباس العبد» لأحمد العايدي التي صدرت هذا العام، فيما ستصدر له في عام 2007 رواية «متون الأهرام» لجمال الغيطاني.
ويقول ديفيز عن ترجمته لـ «باب الشمس»: “استغرقت المسودة الأولية ثمانية أسابيع من العمل المتواصل خلال صيف 2004. ولحسن الحظ كان إلياس خوري في زيارة للإسكندرية خلال تلك الفترة، وهكذا أمضينا تسع ساعات في جلسة واحدة عرضتُ خلالها عليه استفساراتي. أعتقد أن التواصل مع المؤلف مهم للغاية. وأنا أجد نفسي محظوظاً لأنني تمكنت من التشاور مع جميع المؤلفين الأحياء الذين ترجمت أعمالهم»... ويضيف ساخراً: «ولدي أسئلة للموتى أيضاً، حينما ألتقي بهم».