الجزائر ــ الياس مهدي
لا أثر في الجزائر لما يسمى النقد التلفزيوني. ولا ضجة أو موقف أو أصوات تتعالى مهللة أو رافضة لما تبثّه الفضائيات العربية من أعمال درامية في رمضان، كما يحصل في الدول الأخرى.
في الواقع، يبدو أن الجزائريين فقدوا الأمل في رؤية أعمالدرامية جزائرية تنافس شقيقاتها السورية والمصرية. وباتوا يستهلكون ما يستورد لهم من إنتاجات، تماماً كما تستورد السلع والبضائع، مع فارق أنهم لا يسألون عن أسعار المسلسلات كما الخضر والفواكه التي يرعبهم لهيب أسعارها كلما أطل شهر الصيام.
رمضان أوشك أن يودعنا. والتلفزيون الرسمي الوحيد في الجزائر كان وفياً لعهوده السابقة، فاستورد هذه المرة أيضاً عدداً من المسلسلات العربية، طمعاً في نيل رضى مشاهد بدأ يحوّل ناظريه إلى الفضائيات العربية.
المدير العام للتلفزيون ورئيس اتحاد التلفزيونات العربية حمراوي حبيب شوقي عقد مؤتمراً صحافياً عشية رمضان لعرض الشبكة البرامجية، معلناً نجاحه في “منافسة” الفضائيات العربية، وشراء “آن الأوان” و“العندليب” و“خالد بن الوليد”... وأشار إلى أن إدارة الإنتاج “فضلت إعطاء الأولوية للإنتاج الوطني الجزائري”.
وبعد مرور الأيام الأولى من رمضان، بدأت انتقادات الصحافيين، و“بكائيات” عدد ضئيل جداً من الفنانين والمنتجين. الكل يتحسر على حالة الإنتاج الجزائري، ويعلن تذمره من رداءة المسلسل المحلي “وهيبة” الذي يعرض بعد الإفطار.
حتى المسلسلات الفكاهية التي تنهال بغزارة في شهر الصيام، وخصوصاً بعد آذان الإفطار، لم ترق للجزائريين هذا العام مقارنة بالأعوام الثلاثة السابقة.
وأمام موجة الانتقادات، أطل مدير التلفزيون مجدداً، مستبشراً ومهللاً بدراسة قام بها معهد جزائري خاص يدعى “معهد عباسة”، خلص إلى أن 97 في المئة من المشاهدين الجزائريين يفضلون برامج التلفزيون الجزائري على ما تقدمه الفضائيات العربية والأجنبية. لكن النتيجة فاجأت الرأي العام والصحف الخاصة التي أكدت أن منازل الجزائريين قد تكون الأكثر إيواء للصحون اللاقطة في العالم العربي.
أما المسلسلات العربية فلم تنجُ بدورها من فخ “تجاهل” الجزائريين. هي لم تصنع الحدث ولم تثر النقاشات الساخنة في المقاهي وأماكن العمل كما يحدث أحياناً.
الانجاز الوحيد في رمضان 2006، حققته قناة “إم بي سي المغرب العربي”، إذ وفرت للجزائريين فرصة مشاهدة الأعمال الدرامية في توقيت مناسب، بعد صلاة التراويح، على خلاف بقية الفضائيات العربية التي تجاهلت فارق التوقيت بين المغرب العربي ودول الخليج والمشرق.
الجزائريون الذين عاشوا عقداً دامياً من الإرهاب، يبدون أكثر ميلاً الى الأعمال الدرامية التي تجرِّم الإرهاب، وخصوصاً عندما تدين دولاً يرى الجزائريون أنها تتحمل جزءاً من مسؤولية ما حصل لهم، تماماً كما يصور مسلسل “دعاة على أبواب جهنم” تورط لندن في إيواء الإرهابيين في التسعينيات، قبل أن تتفطّن المملكة لجريمتها بعدما هزّها انفجار مترو الأنفاق في تموز من عام 2005.
ووسط “مستنقع التشاؤم” هذا، عاد بصيص من الأمل إلى الجزائريين برؤية عمل درامي مع الفنانة وردة. استبشر الجزائريون خيراً بعودتها، ولسان حالهم يقول: “إنها جزائرية، حتى لو أدت دورها باللهجة المصرية، ولم يكتب في جنيريك المسلسل بالحرف الواحد أنها جزائرية”.