القدس المحتلة ــ نجوان درويش
يبدو أنّ دوبس وجد بعزفه في مخيمات ومدن فلسطينية محتلة، ما يبحث عنه من مناخات خانقة للحرية. فهذه الأمكنة تبدو لعازف الكونترباص الأميركي مكاناً مثالياًً لتقديم موسيقاه.
يشبه ريتشارد هارتشورن المشهور بـدوبس بلحيته البيضاء وملامحه القدرية واحداً من شخصيات العهد القديم أو قاطع طرق متقاعد.
ترك فرقة (Apple Hill) لموسيقى الحجرة، ليطلق العنان لأطواره الموسيقية الغريبة، وينطلق لتقديم عروضه في بلدان تشهد صراعات سياسية وفي “مؤسسات” لا تصلها عروض الموسيقى كالسجون والإصلاحيات. يقول دوبس: “أحب تقديم العروض في السجون وأماكن الاعتقال ومراكز احتجاز الأحداثقدّم دوبس ــ بالتعاون مع مؤسسة “الكمنجاتي” في رام الله، وبصحبة عازفين فلسطينيين ــ مجموعة من العروض في مخيمات جنين والأمعري ومخيمات منطقة بيت لحم. كما شارك فرقة “الكمنجاتي” في أمسيات موسيقية في بيت لحم والقدس ورام الله خلال شهر رمضان.
في أمسية القدس التي أقيمت الأسبوع الماضي، عزف دوبس مقطوعات باخ الست للتشيللو، لكنه عزفها بالكونترباص في نوع من التحدي الذي نجح فيه. إذ جعلها تبدو كأنها ألّفت خصيصاً للكونترباص.
بعدما أدّى وصلته المنفردة، عزف دوبس مع فرقة “الكمنجاتي” مقطوعات شرقية، بمشاركة رمزي أبو رضوان على البزق، ومحمد القططي على الأكورديون، وطارق رنتيسي على الإيقاع، ومحمد نجم على الكلارينيت.
وهنا، لا بد من الإشارة إلى ظاهرة «اقتراض العازفين»، إذ نجد عازفين يظهرون مع معظم الفرق الموجودة كأنهم أعضاء فيها، وهو ما يجعلنا نتساءل عن مغزى تكوين فرقة يجتمع أعضاؤها في يوم العرض لملء الشواغر العزفية. كما أن الالتقاء الموسمي عند مواعيد العروض يحدّ الانسجام الضروري للفرقة الموسيقية، وقد يولد «تنشيزات» واضحة كما حصل في عرض الكمنجاتي ودوبس. فمهارة العازفين وحدها لا تكفي.