إذا اعتمدنا الوزن والعادات الغذائية والفقر معياراً لتصنيف سكان العالم فسنجد أن أكثر من مليار بدين و850 ألف جائع يعيشون على كوكب الأرض مع آخرين.وقد لفتت منظمة الصحة العالمية في تقرير أخير إلى أن عدد الراشدين الذين يعانون من زيادة في الوزن في تصاعد “مطَّرد”.
ويفضل خبراء من المنظمة التدقيق في العبارات المعتمدة لتصنيف الأشخاص بحسب أوزانهم، ويذكرون بأن “البدين هو أي شخص يزيد مؤشر وزن جسمه على 30، ومن يترواح مؤشره بين 25 و30 هو ممن يعانون زيادة في الوزن”. بناء على ذلك يحدد خبراء المنظمة عدد البدناء بـ 300 مليون شخص، 30 في المئة منهم (أي 60 مليوناً) في الولايات المتحدة. وقد لفتت المنظمة إلى أن 200 مليون راشد في دول الاتحاد الأوروبي بدناء أو يعانون زيادة في الوزن.
ترتفع نسب البدانة في بعض الدول الغنية، ولكن البدناء لا يشكلون إلا 5 في المئة من سكان الصين واليابان. وتذكر المنظمة أن البدانة ترتفع في الدول الفقيرة التي تعتمد النظم الغذائية الغربية، والأميركية تحديداً. ولا تقتصر مشكلة الوزن الزائد على الكبار، ففي العالم 22 مليون طفل بدين لم يبلغوا بعد سن خمس سنوات. وفي تايلاند زادت نسبة البدناء الصغار ليشكلوا حالياً 15,6 في المئة ممن هم دون 15 سنة. وكانت منظمة الأمم المتحدة للزراعة والتغذية (الفاو) قد لفتت في اليوم العالمي للتغذية في 16 الشهر الجاري إلى أن 70 في المئة ممن يعانون من الجوع يعيشون في مناطق ريفية، ولا داعي للتذكير بأن معظمهم أبناء دول أفريقية وآسيوية.
وزاد عدد ضحايا الجوع بشكل لافت، فقد كانوا عام 1995 نحو 780 شخصاً وفق تقرير منظمات الأمم المتحدة. وذكرت الفاو أخيراً أن أهم الأسباب التي تؤدي إلى هذه الزيادة هي الحروب والفساد الأداري والسياسي وغياب الديموقراطية. وأشارت إلى أن 75 في المئة من الجياع يعيشون في بلدان تعاني من صراعات ونزاعات دموية. وحددت المنظمة مرة جديدة سياسة لمحاربة الجوع تتلخص بدعم القطاعات الزراعية في المناطق الغارقة في فقر مدقع.
العادات الغذائية السيئة أثّرت في أكثر من ثلث سكان الأرض، بعض هؤلاء يعانون من “تخمة” وآخرون يتبعون نظاماً غذائية سيئاً، فيما يجوع الملايين بسبب قلة الموارد المالية والغذائية بالطبع، وفيما يقتل الجوع 9 ملايين شخص في السنة (في إحصاءات منظمات الصحة الأخيرة) ويسبب عدداً من الأمراض، فإن البدانة أيضاً تسبب أمراضاً خطيرة أبرزها أمراض القلب والضغط الدموي المرتفع، وبعض الأمراض السرطانية.
الفرق الرئيسي في التعامل مع هاتين الظاهرتين يكمن في أسلوب معالجتهما عبر وسائل الإعلام العالمية، ففيما تتدفق الأخبار بشكل شبه يومي عن حالات البدانة وزيادة عدد المصابين بها، فإن هذه الوسائل لا تتذكر “الجائعين” إلاّ في مناسبات خاصة وفي الأيام العالمية للفقر والزراعة والتغذية، وتتلخص الدراسات عنهم على ما يعده بعض خبراء المنظمات العالمية أو الأهلية. أما الدراسات عن البدانة فهي بالمئات أو الآلاف يشارك في إعدادها إضافة إلى خبراء المنظمات العالمية علماء من شركات الأدوية المشهورة، ويروج لمحاربة هذه الآفة أبرز نجوم هوليوود.
(الأخبار)