ربى أبو عمو
زياد بطرس ملحن “متعصّب” للأغنية اللبنانية. إذا أردت أن تخرجه عن هدوئه، ناقشه في السياسة، لكن حذار أن تأتي على ذكر الأغنية الهابطة وفنّاني آخر زمن...

ما إن تدخل الاستديو حتى تطالعك صورة كبيرة لجوليا! أما هو فيفضّل الجلوس على الكرسي المقابلة للصورة. إنه الملحن زياد بطرس يبدو هادئاً خلال الحوار، الى أن يصل الحديث الى السياسة. عندها يعلو نبضه، وقد يصبح هجومياً في بعض الحالات.
بعد أيام من قيام جوليا بإطلاق أغنية “أحبائي”، من الطبيعي أن يبدأ الحديث من هنا. يسهب زياد في استعادة مراحل هذه المغامرة، وكيف ولدت الفكرة. بدأت القصّة عندما شعر زياد وجوليا ــ في خضم العدوان الأخير ــ بأن عليهما تسجيل موقف مما يحدث، “هذا جزء من قضيتنا” يوضح زياد. وكانت الشرارة الأولى خلال متابعتهما لإحدى الاطلالات الاعلامية لحسن نصر الله، كان الأمين العام لحزب الله يتوجه فيها إلى المقاتلين.
اتصل بإلياس بو صعب مدير أعمال أخته. وقال له: “نودّ ان نقدم هذا الخطاب أغنية”. وهكذا كان. أما الخطوة الأولى، فكانت الحصول على موافقة الجهات المعنية لتلحين الكلام وغنائه. ثم جاء التعاون مع الشاعر غسان مطر الذي طوّع النص الأصلي ليصبح قصيدة مغنّاة.
يقول زياد: “لو لم يكن هناك ترحيب لما كانت الأغنية، جوليا تملك صدقية فنية وسياسية، ما جعل الثقة متبادلة منذ اللحظة الأولى... إذ ليس من شيم جوليا أن تقدّم أغنيات وطنية راقصة”. وللسبب نفسه يستبعد أن يمنع الكليب الذي حمل توقيع صوفي بطرس على أي من الفضائيات العربية. وسرعان ما يستدرك، مشيراً الى الخوف الذي قد يعتري عدداً لا بأس به من تلك الفضائيات... وهو خوف سياسي أساساً. لكنّه يؤكد بإصرار: “إن الكليب لا يهدف إلى استفزاز أي طرف، حتى العدو نفسه... بل هو رسالة عاطفية تحاكي الوجدان”. وهو يرى أن الأغنية راجت على رغم المؤسسات وحساباتها، لذا لن يستطيع أحد أن يعوق انتشارها. و“خير دليل على ذلك نجاحها في أميركا حيث كنت قبل أيام مع فريق “سوبر ستار”، وكانت الجاليات العربية تتناقل مقاطع من الأغنية على الخلوي”.
ونطرح على زياد بطرس سؤالاً تبادر الى كلّ الأذهان... هذا الخيار الراديكالي، أي تأدية كلمات حسن نصر الله، ألا يمكن أن ينعكس سلباً على الفنان وأخته لجهة إقبال الجمهور؟ ألا يخشى أن تنحسر شعبيته كملحن، وخصوصاً أنه بات، حسب رأي بعضهم، “محسوباً على فئة معينة من اللبنانيين”؟ هنا يبدو الانفعال واضحاً على زياد، ويجيب بحدة: “إنها كارثة. من قال إن مسؤولية المقاومة تقع فقط على عاتق فئة معينة، فيما ينفث الآخرون “النرجيلة”، ويهتفون للمقاومة من بعيد؟”. ويكرر العبارة: “الكارثة هي مجرد اعتباري طرفاً”، مشيراً إلى أن معظم الثورات في العالم قامت على أيدي المظلومين، لا البورجوازيين الذين ينزلون الى التظاهرات بعد الخروج من “صالون التجميل”.
بعيداً من السياسة، يحضِّر زياد عملاً كاملاً لجوليا، إضافة الى مشاركته في برنامج “سوبر ستار 4”. ويعزو اختياره عضواً رابعاً في لجنة الحكم إلى شخصيته التي تجمع بين الفكاهة والمرح من جهة، والجدية في العمل من جهة أخرى. ويقول: “أنا عفوي، وصريح وأبتعد من المجاملة”. وهو اكتشف مع الوقت أن الناس أحبوا شخصيته في البرنامج، كما قام هو باكتشاف الناس. ويعتبر البرنامج فرصة لتطهير آذان الجمهور من الأغنيات الهابطة التي تفتك بذوقهم يومياً. وزياد منشغل حالياً بتحضيرات البرنامج الذي سينطلق في 10 كانون الأول على شاشة تلفزيون “المستقبل”، وستتخلله إضافات جديدة تتعلق في شكل أساسي بسهرات يوم الأحد.
هل هو راضٍ عن مستوى الأغنية العربية؟ يجيب بجملة واحدة: “يوجد السيئ والجيد”. كأنه لا يريد إطالة الحديث في الموضوع. أما الحل فيكمن في أن “تتدخل الجهات الرسمية لمنع الفنانين من دفع الأموال الى الاذاعات كي تبث أغنياتهم”.
يعتبر الرجل نفسه “متعصّباً” للأغنية اللبنانية: “إنها في الدرجة الأولى، لهجتنا التي نرتاح إلى التحدث بها، وأغبياء هم الذين يغنون بلهجات مختلفة بحجة الانتشار، حين أسمع أن هذا الشريط يتضمّن أغنيتين لبنانيتين وأغنيتين خليجيتين... يجن جنوني. كما لو أنك تقول: يتضمن الكاسيت منقوشتين بجبنة و2 بزعتر!”. ويعترف زياد بأنّه يحب التلحين مع حسين الجسمي، ويحضّر لتعاون مع شيرين عبد الوهاب، إلا أن “المشاريع مؤجلة في الوقت الراهن”.