بيار أبي صعب
“عمارة يعقوبيان” فيلم مروان حامد وعلاء الأسواني، يحقق نجاحاً مذهلاً في فرنسا منذ إطلاقه قبل أيام... هذا النجاح ربّما لم يعرفه أي فيلم مصري من قبل في فرنسا، رغم صولات يوسف شاهين وجولاته في بلاد موليير. الجمهور الفرنسي يتهافت على الصالات لمشاهدة فيلم قدمه النقد بصفته عملاً يكشف المسكوت عنه في المجتمع المصري... عملٌ منتجه إعلامي بارز (عماد الدين أديب)، وممثلوه نجوم الشاشة العربية، ومخرجه شاب في الثامنة والعشرين يحكم السيطرة على أدواته، وكاتبه إشكالي باعت الترجمة الفرنسية لروايته قرابة 30 ألف نسخة حتى الآن...
وهذا الخبر السعيد على اسم شركة الإنتاج التي أطلقت الفيلم (Good News)، يذكرنا بأن في مصر اليوم عشرات المخرجين الشباب الذين يعدون بسينما جديدة... لكن هوليوود العرب تضيق بأبنائها وتقضي على التجارب في مهدها لأسباب سياسية وبيروقراطية واجتماعية كثيرة. كل موسم يسمع الجمهور بأفلام جريئة، لا يصلنا منها سوى رائحة الفضيحة: هبة يسري (المهنة امرأة)، ومحمود سليمان (النهار ده 30 نوفمبر)، ورامي عبد الجبار (بيت من لحم)، وتامر السعيد (يوم الاثنين)، وهديل نظمي (الأسانسير)، وأحمد خالد (الجنيه الخامس)... وصولاً إلى محمد حماد (مؤلف الجنيه الخامس) الذي أثار فيلمه “السنترال” ضجة مع أنه لم يعرض إلا في «دار ميريت» القاهرية أمام حفنة من المشاهدين!
الفيلم يدور حول عاملة هاتف تتلصص على كل المكالمات وتفضح أسرار أهل الحارة. كما تناولت هبة يسري مهنة «بائعات الهوى»، ورامي عبد الجبار حكاية الكبت والحرمان كما تعيشها أم مصرية وبناتها الثلاث (عن قصة ليوسف إدريس)، وهديل نظمي قصة حب افتراضية تعيشها فتاة محجبة معتقلة في مصعد، وأحمد خالد قصة حبيبان لا يجدان غير الحافلة مكاناً لتبادل القبل...
“كشف المسكوت عنه” إذاً، هل هو الطريق إلى انبعاث صناعة السينما شبه المنكوبة في مصر؟ بل إلى قيام نهضة أدبية وفنية وثقافية في العالم العربي بأسره، حيث كل شيء ممنوع تقريباً، وكل عمل فنّي جاد مشتبه به ما أن يجنح ناحية القضايا الحساسة التي تعني الناس، وكل محاولة للتعبير عن اللحظة بأوجاعها ومكبوتاتها وشبقها وتهويماتها جنحة يعاقب عليها القانون.