بيار أبي صعب
هناك شائعات قاتلة، وشائعات أخرى تبعث على الضحك. وأنا سأموت قريباً من الضحك. منذ أسابيع أحاول إقناع نفسي بأنني لست ايرانياً... أقف صباحاً أمام المرآة، أطيل النظر إلى وجهي. هذا وجه ليبرالي يا ناس، واللحية مجرد كسل وانهماك في العمل! لا تسيئوا الظن، حرام عليكم. أدندن مقاطع من أغنيات توم ويتس، علّني أرفع عنّي الشبهات. أطمئن الى أنني ما زلت أنا نفسي، أتأكد من مزاجي وذوقي وخياراتي. أنا أحب أشعار حافظ، غزلياته، خصوصاً أنني قرأتها مترجمة طبعاً، لكنني لست ايرانياً. لا أحب اسرائيل طبعاً (sorry). لكنني لست ايرانياً. الحضارة الفارسية تبهرني. لكن المسألة تنتهي عند هذه الحدود.
أحاول أن أوكّد لكل من أصادفه هذه الأيام، ما إن يلقي عليّ التحيّة، أنني لم ألتق في ممرات الطابق السادس من الكونكورد أي كائن ايراني. لكن عبثاً. من يستطيع إقناع البروفسور كوكوريكو الذي انتهرني تلك الليلة في بار (De Prague)، وقد ألهبت الكأس حماسته الوطنية (عصبيته الطائفية؟)، بأنني منذ دهر لم أمارس مهنتي بحرية وبمتعة كما أفعل الآن؟ هو لا يقرأ في كل الأحوال، فكيف تشرح له؟ أفراد تلك القبيلة المنقرضة لا يعرفون عما يتكلمون إجمالاً، لكنّهم يعطون لنفسهم حق إطلاق الأحكام القاطعة. “خائن... يعني خائن”!
طيّب، أنا خائن. آسف جداً على الإزعاج. لكن مش “ايراني”. منذ سنوات لم أتمكن من استعمال كلمة “نبي” أو “ملك” أو “أيقونة” في مقالة. تصوّر كيف تكتب عن مسرحية منصور الرحباني الأخيرة؟ عليك أن تجد الحلول المناسبة! كيف تشير الى مسرحية يونسكو الشهيرة “الملك يموت”، أو مسرحية ونوس “الملك هو الملك”. كل تلك السنين، لم يشفق عليّ أحد. لم يخوّنّي أحد. كان كل شيء تمام التمام.
اليوم أنا أنشر صور لارا بلدي التي ما حلت ضيفة على مجلة إلا منعتها. وأكتب عن كريستين طعمة التي لم تلتفت اليها الصحافة “غير الايرانية”. وأحيّي جمعية “حلم” التي تدافع عن حقوق المثليين. ومع ذلك حاول أن تقنع أصحاب المشاعر الوطنية النبيلة بأنني لست “إيرانياً”. يا أخي أنا إيراني. إلك معي شي؟ ليك، أنا “إيراني بوست مودرن”. أوكي؟